IMLebanon

لو أن ريمون جبارة بيننا

 

أمس كان يوماً وطنياً بامتياز. السلطة والمعارضة والأحزاب والتيارات والجمعيات والنقابات والمصالح وقطاعات الإنتاج وقوى الشعب العامل والعاطل عن العمل… كلها استظلّت جانحي البشّور. سارت خلفه. دعمته. احتضنته. فوّضته النطق باسمها ورفع مطالبها الإجتماعية إلى فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، وفي مقدمها تشكيل حكومة إختصاصيين تتصدى للأزمة وتقدم خطة نهوض من الكوما وتباشر بالإصلاحات، وتعمل على إقرار البطاقة التمويلية باليورو لكل مقيم على الأرض اللبنانية، بمن فيهم وزراء حكومة البروفسور حسّان دياب.

 

إستعاد البشّور الأسمر، بقواه الذاتية، المبادرة والشارع والميكروفون والجماهير والنجومية والموقع، إجتاح الشاشات وأثير الإذاعات لساعات انتهت على وعد بتحرّك مطلبي جديد وأُعطي ماكرون مهلة إضافية غير مفتوحة.

 

لو أن ريمون جبارة بيننا لكتب مسرحية عبثية أبطالها “البشور” الثائر، والوزير الفاتر، والمستشار الفاتر، والأمير الطائر (سوبرمان) وعن ملك محارب يعيش في عالم خاص، في قصر المرايا المكبّرة. إن تحرّك خُيّل إليه أن مارداً ينتقل من غرفة النوم إلى النوم أو أن جبلاً ثقيل الخطوات يزحل. ينشر الرهبة والنعاس في أرجاء المكان فيملأ المستشارون الفراغ بالحركة المناسبة. إحترف الملك منذ صغره تلقي كرات النار بيديه وصدره، وما احترق بنارها مرة بل حرق سلّاف شعبه ومن هم حوله من دون قصد.

 

سيكتب “أبو الريم” مسرحية جديدة بعنوان “من قصف زهرة الخريف وشوّه كل الفصول”، وربما كان سيختار عنوان “قطار جهنم السريع” أو ” النسر والجلبوط وما بينهما”. الأفكار كثيرة. وقد يفاجئ جبارة جمهوره بضيف شرف على العمل: دراكولا.

 

لو أن ريمون جبارة بيننا، لكتب رسائل يومية إلى جدته المقيمة في الجنة، شارع الزقزوق المنطقة الخضراء، بناية الرجاء الصالح… أو لخاطبها مباشرة عبر الخط الأحمر بين الجنة والنار لموافاتها بالخبر الجهنمي الطازج، من الإشتباكات العائلية في حي الشراونة إلى “الدبيك” على الطرمبات. سيوافيها تباعاً بأسعار البطاطا والبقدونس والبندورة والخس بحسب بورصة أنطلياس، وسيشرح لها بالتفصيل كيف ينتف المصرف شوارب الرجال وحواجب النساء ويسطو على ما بقي في قعر دفتر التوفير.

 

لو أن ريمون جبارة بيننا، وما إلو جلادة يكتب، فليقعد في صفوف المتفرّجين، فالمسرحية المقترحة ماشية معه وبلاه. هل صحيح أنك مت أيها الصديق قبل ستة أعوام؟