بات من الواضح والأكيد أن الإستحقاق الرئاسي سيبقى في غياهب الإنتظار لفترة طويلة، في ظل الغموض الذي يكتنف الأفق الزمني الذي تتطلبه الحرب الدائرة في غزة والجنوب، إضافةً إلى التطورات التي طرأت على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، ما يجعل من كل المبادرات الرئاسية، والتي كان آخرها مبادرة نواب المعارضة، في دائرة الترقّب والنقاش. ويشير عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب رازي الحاج لـ “الديار”، إلى أن مبادرة المعارضة “أتت في سياق تأكيدها للإنفتاح على أي تشاور أو نقاش بين الكتل النيابية، شرط احترام الآلية الدستورية التي ينصّ عليها الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية، فهي أكدت من جهة بأنها ليست ضد أي حوار أو نقاش أو تشاور، وهي أيضاً متمسّكة بالآلية الدستورية، ولذلك أتت المبادرة لتقول لرئيس المجلس، بضرورة الدعوة لجلسة انتخاب يترأسها وفق ما ينص عليه الدستور، على أن ينتخب النواب الرئيس في الدورة الأولى”.
ويتابع بأنه “إذا لم يحصل انتخاب للرئيس، يتم الإنتقال إلى نقاش بين النواب قبل الشروع بالدورة الثانية، على أن نبقى على هذا المنوال حتى التوصل لانتخاب الرئيس في الدورات المتتالية”.
وعن التقدم في بحث ومناقشة هذه المبادرة مع النواب، يؤكد أن “التقدم الحقيقي هو أنه لا يمكن لأي كتلة باستثناء كتلتي الثنائي الشيعي، أن ترفض مبادرة المعارضة، كونها تؤمن مبدأ التشاور والحوار بين الأفرقاء، ولا تقفز فوق الآلية الدستورية”.
وبالنسبة لنقاط التقاطع بين مبادرة المعارضة والمبادرات السابقة، يوضح أن “كل المبادرات السابقة وحتى حراك سفراء الدول الخمس في “اللجنة الخماسية”، تلتقي عند هدف واحد وهو الإسراع بانتخاب رئيس الجمهورية، وكل هذه المبادرات وآخرها مبادرة المعارضة، تؤكد أن تعطيل الإنتخابات الرئاسية يأتي من محور الممانعة، فهو يتذرّع بالدعوة إلى حوار ممأسس يخالف الدستور من حيث الشكل ومن حيث المضمون، لأنه حتى في مضمون الكلام للرئيس نبيه بري، أن هذه الجلسات التي وعد فيها ليست جلسة واحدة، إنما هي جلسة بدورات متتالية، ثم يقفل المجلس. ولذلك، عندما ترضى المعارضة بمثل جلسات الحوار هذه، ستكون أولاً قد كرّست عرفاً بأن الرئاسة الأولى لا تحصل إلاّ من خلال مأسسة الحوار، وثانياً أن انتخابات رئاسة الجمهورية لا تحصل إلاّ من خلال المرور بالرئاسة الثانية، وثالثاً بأنه إذا لم يتم انتخاب الرئيس في ثلاث أو أربع جلسات متتالية، يُقفل محضر الجلسة ولا يعود المجلس في حالة انعقاد دائم لانتخاب رئيس الجمهورية بل يحق له أن يشرِّع، وهذا هو المنطق الذي يريد محور الممانعة أن يأخذنا إليه، وهو منطقه الخاص، ولا يستطيع فرضه أو فرض رأيه في الملف الرئاسي على بقية اللبنانيين من خلال استغلال القوة”.
وعن مرشح المعارضة، يقول: “بالنسبة إلينا فإن توقيت انتخاب الرئيس، هو الذي يفرض خيار الإسم، فإذا حصلت غداً دعوة لانتخاب رئيس جمهورية، فإن مرشحنا لا يزال جهاد أزعور، وإذا كانت هذه الدعوة، قد أتت مترافقة بمرونةٍ للذهاب نحو خيار ثالث، فإن المعارضة منفتحة على البحث ضمن مواصفات المهمة التي تحدثنا عنها منذ بداية المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، والأهم، يبقى في الدور الذي يريد أن يلعبه هذا الرئيس العتيد أكثر من الإسم”.
وعن اليوم التالي بعد مبادرة المعارضة وتوقعاته بالنسبة للشغور الرئاسي، يؤكد الحاج أن “الشغور الرئاسي للأسف يستنزف ما تبقى من دولة، خصوصاً عندما يختطف محور الممانعة كل الخيارات الأساسية التي هي ضمن الصلاحيات الأساسية لرئيس الجمهورية والسهر عليها، وبالتالي، فإن عدم انتخاب رئيس الجمهورية يعيق انتظام المؤسسات الدستورية ويترك لبنان في الخطر الدائم على هويته وعلى كيانه من خلال استجلاب الحروب، أو من خلال تفكك المؤسسات”.