أكثر من عامل قد دخل على خطّ الشغور في رئاسة الجمهورية، لجهة ارتدادات هذا الشغور على السجال السياسي الداخلي حول صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات حكومة تصريف الأعمال أو رئيسها، وصولاً إلى الإنتقاد الذي وجهه البطريرك الماروني بشارة الراعي في عيد مار مارون لأداء “الدويكا”، في إشارة إلى غياب رئيس الجمهورية. علماً أنه في السابق، كان مصطلح “الترويكا” هو السائد على مستوى أداء الرؤساء الثلاثة. إلاّ أن النائب في كتلة “الجمهورية القوية” النائب رازي الحاج يركز في قراءته لـ “الديار” على موقف البطريرك الراعي، بأن “بكركي تعتبر أن رئاسة الجمهورية ليست تفصيلاً، وانتخاب الرئيس هو الضرورة القصوى التي يجب أن يجتمع عليها جميع اللبنانيين وجميع المسؤولين، وبالتالي فإن الإدارة التي تمسك بالمجلس النيابي والحكومة، تتعاطى وكأن الإنتخابات الرئاسية هي ورقة من أوراق تحسين شروطها في الداخل والخارج، من خلال قضايا ليست متصلة حصراً بمصلحة لبنان الوطنية”.
ويجد أن “الممانعة اليوم تربط ملف الرئاسة بما يحصل في غزة، لأنه يعتبر انها ورقة إضافية في حواره مع المجتمع الدولي، للوصول إلى تسوية على أكثر من جبهة، سواء كانت الجبهة في الجنوب لأنه يدرك مخاطر الحرب، ولكنه لا يريد ترك ورقة وحدة الساحات، التي تريد من خلالها إيران توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، بأنها على تماس مع “إسرائيل” في لبنان”.
ولذا يأسف أن “تصبح الرئاسة اللبنانية ورقةً للتفاوض بيد مجموعة عسكرية سياسية تستخدم ما حصل بعد 7 تشرين الأول الماضي، حيث أن التوقيت كان على توقيت حماس ولم تؤمن منفعة للبنان، وبالتالي لو كانت هذه الجبهة ستؤمن مصالح لبنان وتؤدي الى استرجاع أراضي لبنانية محتلة من “إسرائيل”، فلماذا تمّ انتظار 17 سنة لفتح هذه الجبهة؟”
وعليه، يشير إلى “ضرورة تحرير الرئاسة وتحرير القرار اللبناني، ليتمكن لبنان الرسمي من تكريس موقع مستقل في السياسة الإقليمية والدولية، ومن أن يلعب دوراً في الخدمة الحقيقية للقضية الفلسطينية من خلال الديبلوماسية في المنطقة، ليكون ساحةً للحوار وللسلام وليس ساحةً للحرب، ولكن هذا كله لا يتناغم مع أجندة فريق الممانعة الذي يهيمن على قرار الدويكا، أي قرار مجلس النواب بإغلاقه أمام انتخاب الرئيس وقرار مجلس الوزراء المُنحاز بشكلٍ واضح لمفهوم الممانعة لما يحصل في الجنوب”.
وعن حراك “الخماسية”، يرى أن “الخماسية ليست طرفاً في الخلاف الداخلي في الملف الرئاسي، بل هي مبادرة دولية لتسهيل عملية انتخاب الرئيس ولحلّ الإشكالية القائمة بين الأطراف السياسية، فمن غير الممكن أن يكون لها أي موقف منحاز، بل تلعب دور المسهّل، إنما في العمق، فإن الرئاسة لا يمكن أن تبصر النور طالما أن فريق الممانعة يقفل مجلس النواب أمام انعقاد جلسة إنتخابية بدورات متتالية وهو متمسّك بمرشّحه الذي يتبنّى وجهة نظر الممانعة”.
في المقابل، يؤكد أن “حزب الله يعرف الفاتورة الكبيرة التي من الممكن أن يدفعها لبنان في حال حصول حرب إسرائيلية موسّعة، لذلك يناور ما بين الحرب من جهة والمشهد الداخلي عبر الملف الرئاسي من جهة أخرى، للوصول إلى سلة اتفاقات مع الموفدين الدوليين للوصول إلى تسوية للجنوب ولمكتسبات سياسية، ومن المؤكد لأن المعارضة ستتصدى لهذا المنطق لأنه يجعل لبنان الرسمي ساحةً من ساحات الصراع العسكري في دول المنطقة، التي لا تشبه لبنان ومفاهيمه الوطنية والدستورية ونظامه البرلماني الديمقراطي الحر، ولذلك فإن موقف المعارضة ثابت وهي تدعم تطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 وتدعم وجود الجيش اللبناني في كل المناطق وأن يتمّ دعمه بشكل كامل من كل اللبنانيين، وبالتالي، على الحكومة أن تقوم بما يلزم ليكون الجيش بكامل الصلاحيات، وأن تطبق اللعبة الديمقراطية في الداخل لأننا لا نريد إلغاء أي طرف”.
وعن الحوار الرئاسي، يقول الحاج إن “اي نقاش حول الرئاسة لأننا في مأزق سياسي، يجب أن يكون نقاشا فعليا وبناء وليس فولكلورياً، وذلك من خلال طاولة حوار مُنتجة وليس كما طاولات الحوار السابقة، ولذلك ندعم النقاش الثنائي أو الثلاثي للوصول إلى صيغة لانتخاب رئيس، إنما ضمن إطار دستوري ومن دون وضع مفاهيم دستورية جديدة، تجعلنا ندفع مجدداً فاتورة مفاهيم سياسية جديدة كالتي حصلت في السابق وتعيب على الدستور تطبيقه بشكل واضح”.