إستبشر القاعيون خيراً، وتنفّس أهالي بلدة القاع خصوصاً وأهالي البقاع عموماً الصعداءَ بعد إعادة فتح معبر جوسيه لجهة الحدود السورية – اللبنانية الشمالية، وهو المعبرُ الثالث الرسمي بعد معبرَي المصنع والعريضة، أملاً في تحسّن الوضع الإقتصادي وعودة الحياة إلى تلك المنطقة التي شلَّتها التفجيراتُ حيناً وعملياتُ التسلّل حيناً آخر، فيما تبقى قضيةُ النازحين المنتشرين فيها الأساس والمطلوب معالجتها.
أكثر من خمس سنوات استمرَّ إقفالُ معبر جوسيه المعروف بمعبر الأمانة، بعدما قرَّر الجانبُ السوري إقفالَه في صيف العام 2012 تزامناً مع معركة القُصير، ومع اْنتهاءِ المعارك في تلك المنطقة وتحسّنِ الوضع الأمني فيها، طالب الجانبُ السوري بإعادة إحياء وتشغيل معبر جوسيه، فبدأت مفاوضاتٌ مع الجانب اللبناني إستمرَّت أشهراً وتُوجّت أمس بإعادة فتحه رسمياً من الجانب اللبناني بعد إستكمال التحضيرات اللوجستية والأمنية، فيما كان الجانبُ السوري قد إستكمل إجراءاتِه أيضاً.
يكتسب المعبرُ أهميةً كبرى على المستويات كافة، فمن خلاله ستؤمَّن عودةٌ رسمية وقانونية للنازحين الراغبين في العودة إلى ديارهم، ويضبط معه أمنَ تلك المنطقة نتيجة إنتشار الجيش والقوى الأمنية بعدما كان مسرح عمليّاتِ تسلّلٍ وتفجيرات، خصوصاً أنّ المعبرَ الجديد تقدّم حوالى 12 كلم نحو الأراضي السورية كانت متروكةً لمصيرها وفقد أصحابُها الأملَ بعودتها، كذلك يكتسب المعبر أهمّيةً إقتصاديةً لجهة دخول وخروج بضائع من لبنان وإليه، إضافة إلى الرسوم التي ستكسبها خزينةُ الدولة.
ابراهيم
وقد إفتتح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مركز أمن عام القاع الحدودي الجديد على الحدود اللبنانية السورية في إحتفال حضره رئيس المجلس الأعلى اللبناني – السوري نصري الخوري، النواب: نوار الساحلي، مروان فارس، علي المقداد، وكامل الرفاعي، محافظ بعلبك بشير خضر، قائمقام الهرمل طلال قطايا، مدير عام الجمارك بدري ضاهر، عضو المجلس العسكري اللواء الركن جورج شريم، قائمقام الهرمل طلال قطايا، وممثلون عن قادة الأجهزة العسكرية والأمنية وشخصيات حزبية ورؤساء بلديات ومخاتير ورجال دين وحشد من الفاعليات إضافة إلى مدير مركز جوسية الحدودي المهندس دباح المشعل على رأس وفد.
البداية كانت برفع العلم اللبناني في ساحة المركز الجديد، ثمّ النشيد الوطني ونشيد الأمن العام، ألقى بعدها فارس كلمة أهالي المنطقة. كما ألقى مدير عام الجمارك كلمةً نوّه فيها بأهمّية المعبر الاقتصادية والاجتماعية.
ثمّ تحدّث ابراهيم فأوضح أنّ «احتفالنا بتدشين المبنى الجديد لمركز أمن عام القاع الحدودي، الذي تقرَّر إنشاؤه بموجب قرار مجلس الوزراء الرقم 7 الصادر بتاريخ 28/3/2012، يكتسب أهمّيةً كبيرة في ظروف استثنائية دقيقة.
فنحن هنا لنُثبتَ حدودَ وطننا بالجهد والتضحية، فيما مصائر دول عدة باتت أسيرة الإرهاب العابر للحدود، والمناكفات الدولية ومصالحها التي لا تقيم اعتباراً لحقّ الشعوب أو حرّية إنسانها أو تقرير مصيرها، وأعني هنا: ما حصل قبل أسبوع بشأن مدينة القدس، واسطة عقد عروبتنا وفضائها، الذي نتلو فيه قداديسَنا وصلواتِنا.
على وقع استمرار العدوّ الإسرائيلي بإطلاق تهديداته، يتستّر أمام المجتمع الدولي بالديموقراطية وحقوق الإنسان، غير آبهٍ بقرارات الأمم المتحدة ولا بعودة الفلسطينيّين الى أرضهم. والإرهاب الذي تكسَّرت أمواجُه على حدودنا، والذي تتناغم أهدافه مع أطماع العدوّ الإسرائيلي وخروقه شبه اليومية للقرار 1701».
وأكّد ابراهيم «أنّ أهمية هذا المعبر الحدودي، الذي كان يبعد عشرة كيلومترات من هنا داخل الأراضي اللبنانية، تكمن في موقعه الجيو – سياسي. فبلدةُ القاع ملاصقة للحدود السورية، هي آخر بلدة لبنانية على خط بعلبك – حمص، وبهذا المعنى شكلت ممرّاً وبوابة عبور على مدى التاريخ».
وقال: «اليوم، وبعد إقفالٍ قسريّ للمركز السابق نتيجة العمل الإرهابي الذي تعرّضت له المنطقة بأسرها، نحتفل وإياكم بافتتاح هذا المعبر ونعلن أمامكم استئنافَ العمل فيه، مجهّزاً بالعديد والعتاد ليكون أوّلاً محطة أمن وأمان لأهل القاع واللبنانيّين، ويضمن ثانياً للوافدين من لبنان وإليه حرّية الانتقال بما تفرضه القوانين والإجراءات والاتّفاقات، وأن تعود ثالثاً بلدة القاع ومشاريعها كما كانتا، قبل أن تتّخذ الهجمة الإرهابية البربريّة عليهما، وعلى المنطقة، طابعاً فائق الخطورة منذ ارتسمت خطوطُ المواجهة اللبنانية مع تداعيات الحرب السورية، بحيث يتمكّن أهلُ القاع وجوارُها من صون أملاكهم واستثمار اراضيهم من دون معوقات أو صعوبات».
ورأى ابراهيم «أنّ وجودَ هذا المركز في هذه البقعة العزيزة على قلوبنا وانطلاق العمل فيه، بالتعاون مع بقية الأجهزة الأمنيّة، كلٌّ حسب صلاحيّاته ومهمّاته كما في كل النقاط الحدودية، يشكّل ركيزةً أساسية من دعائم السيادة الوطنية، مع الالتزام التام بالمواثيق والاتّفاقات الدولية والقوانين المحلّية، لجهة احترام حقوق الإنسان بلا تفرقة أو تمييز، لأننا نرى أنّ قوة الوطن هي في: فعالية أبنائه ودورهم وتمسّكهم بسلمهم الأهلي، وعيشهم المشترك على مساحة الجغرافيا اللبنانية وفي بلاد الانتشار.
وصلابة الدولة ومؤسّساتها هي في أنتظام سلطاتها الدستورية والتشريعية والتنفيذية، وتطبيق القانون، والتزام الشفافية ومحاربة الفساد، درء الخطر هو في تعزيز صمود الجيش والاجهزة الأمنية واستقلالية القضاء».