IMLebanon

إعادة إحياء روحيّة «تفاهم نيسان»

بات جليّا ان قواعد اللعبة الإقليمية والدولية والظروف المحيطة بالبلد أدت الى التهدئة واقتصر الأمر على التعادل في ما خص ما جرى من القنيطرة الى مزارع شبعا لجملة ظروف ومعطيات حتّمت الاكتفاء بما حصل وعدم التصعيد الميداني او تكرار سيناريو العام 2006. وهنا، يكشف احد النواب المخضرمين، ووفق معلومات مستقاة من مراجع اوروبية مهمة، ان تفاهم نيسان عاد من جديد، لا بل تقمّص في اليومين الماضيين وارسى هذا التفاهم الذي صنعه الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع فرنسا وسوريا والمجتمع الدولي آنذاك تفاهما شرّع عمل المقاومة في تلك المرحلة، ما ادى لاحقاً الى حرب التحرير في العام 2000 وحيث وُلد التفاهم المذكور بعد عملية عناقيد الغضب في العام 1996 اثر مجزرة قانا.

ويشير النائب المذكور الى ان الظروف المحيطة بالبلد والمنطقة أدت وساهمت في احتواء عمليتي القنيطرة ومزارع شبعا، اذ بداية هنالك اوضاع في لبنان مغايرة عن المرحلة السابقة، اي في حقبة الحروب التي جرت من عملية الليطاني الى الاجتياح الاسرائيلي وعناقيد الغضب وصولا الى حرب تموز العام 2006، بمعنى ان ثمة حروباً محيطة بلبنان وعلى حدوده السورية لان ما يجري في سوريا له التداعيات السلبية الابرز على الداخل اللبناني دون اغفال ان هنالك مليوني نازح سوري ولا يمكن حصول حرب ونزوح وسوى ذلك من التهجير امام هذا الكمّ الهائل من النازحين، اضافة ان المجتمع الدولي ومنذ بدء الحرب السورية يركّز على الاستقرار في لبنان ويعمل على تحييده وبذل مساعي كبيرة لهذا الغرض بحيث توقع الكثيرون ان تشكل الحرب السورية كارثة على لبنان او حروباً في داخله، انما هذا الدور للمجتمع الدولي كان له الاثر البالغ في التهدئة والاستقرار ولو جزئياً، وصولاً الى ان حزب الله نفسه وكل القوى السياسية اللبنانية مجتمعة ترى أن لبنان لا يمكنه تحمّل تصدّع جدار او «خسفة» في احدى الطرق، ناهيك بأوضاعه الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية المزرية وغياب فرص العمل والبطالة وكل عدة «التعتير» المحيطة به.

وفي سياق متصل، تشير اوساط سياسية عليمة الى ان بعض عواصم القرار كانت تدرك ان الامور لن تنتهي على خير بعد عملية القنيطرة وسيحصل الرد ولكنها متيقنة من عدم تكرار حرب العام 2006، ولهذه الغاية حُصرت الامور خلال ساعات على اعتبار ان الوضع كان ممسوكاً من قبل المعنيين وتحديداً واشنطن وباريس، ولذا صبّت اتصالاتهما مع ايران لهذه الغاية وجاءت التهديدات الاسرائيلية بعد العملية متوقعة وتقليدية ولدواع انتخابية وسياسية ولحفظ ماء الوجه لا اكثر. وفي غضون ذلك، تتابع الاوساط لافتة الى اهمية التقارب الاميركي ـ الايراني حول الملف النووي الايراني، ما يعني انه كانت هنالك «مونة» من واشنطن على طهران الى الوراء بعد الخطوات التي حصلت بينهما، وهذا ما تطلب ضبط الامور.

واخيراً، تخلص الاوساط مؤكدة على اعادة احياء روحية تفاهم نيسان وان بشكل مغاير في الشكل والمضمون وقواعد اللعبة والظروف انما التفاهم على حق الرد في اطار ضوابط معينة ومسموحة، وبالمحصّلة الأهم ان ثمة اجماعاً دولياً على منع أي حرب جديدة في لبنان، وهذا ما تبدّى عبر الاتصالات التي جرت على أعلى المستويات اذ لم تتأخر عواصم القرار عن دوزنة الوضع، وبمعنى آخر كأنه تمت دوزنته قبل حصول الرد من مزارع شبعا.