Site icon IMLebanon

الإحتكام إلى الدستور

 

د. عامر مشموشي

 

الرئيس سعد الحريري المكلف من الشعب بواسطة وكالة النواب الذين انتخبوهم ممثلين عنه بتشكيل الحكومة قام بما يمليه عليه الدستور نصاً وروحاً بتشكيل الحكومة ورفعها وفق ما ينص عليه الدستور أيضاً إلى رئيس الجمهورية لكي يصدرها بمرسوم جمهوري، وتمثل في المحصلة الأخيرة أمام مجلس النواب لتنال ثقته بناء على ما يتضمنه بيانها الوزاري من تعهدات ووعود للشعب الذي انتخبها غير أن رئيس الجمهورية لم يوقع على مرسوم التأليف واستمهل الرئيس المكلف لدرس التشكيلة الحكومية لكي يُبدي رأيه الأخير فيها استناداً إلى الدستور الذي نص عليه أن الرئيس المكلف يُشكّل حكومته بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

إن تمنع رئيس الجمهورية عن التوقيع على التشكيلة التي أودعها إليه الرئيس المكلف أوقع البلاد في أزمة فراغ في إحدى أهم المؤسسات الدستورية وهي السلطة الاجرائية التي أناط بها الدستور مسؤولية إدارة دفة الحكم بمعزل عن رئيس الجمهورية باستثناء حقه الدستوري في التوقيع على المراسيم التي تصدرها الحكومة خلال مُـدّة 15 يوماً من احالتها إليه، وفي حال تمنع لأي سبب كان يصبح المرسوم نافذاً، ويعني فقهياً وقانونياً ودستورياً إن رئيس الجمهورية يلي الاحكام ولا يحكم، وبناء لهذه النظرية الدستورية الفقهية يصبح تشكيل الحكومة نافذاً بعد مرور مهلة الـ15 يوماً من احالة مرسومها إلى رئيس الجمهورية وذلك منعاً لحصول فراغ في المؤسسات الدستورية، بل في أهم هذه المؤسسات ويؤدي ذلك إلى شلل في باقي المؤسسات كما هو حاصل اليوم، لا سيما وان الرئيس المكلف يستند في التشكيلة التي رفعها إلى رئيس الجمهورية الى الوكالة المعطاة له من المجلس النيابي لتشكيل الحكومة، وهي وكالة حصرية غير قابلة للإلغاء.

أمام هذا الوضع من يتحمل مسؤولية الشلل المتسبب من بقاء البلاد من دون حكومة وما هو الحل في نظر علماء الدستور للخروج من هذا المأزق الذي في نفس الوقت يستنزف في حال بقائه على ما هو عليه من رصيد العهد كلما مر يوم على بقاء البلاد من دون سلطة إجرائية تتولى تنفيذ السياسات التي يرغب بها العهد على جميع الصعد الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية.

استناداً إلى النظرية الدستورية التي تقول بأن رئيس الجمهورية وفق اتفاق الطائف يلي الاحكام ولا يحكم وان الحكومة التي تحظى بثقة المجلس النيابي هي التي تحكم وحدها من دونه وليس له أية علاقة معها الا علاقة توقيعه على المراسيم التي تتخذها وترفعها إليه، وفي حال لم يوقعها خلال خمسة عشر يوماً من هذه الإحالة تصبح نافذة استناداً إلى احكام الدستور نفسه، يصبح من حق الرئيس الذي كلفه الشعب اللبناني بل من واجبه في حال رفض رئيس الجمهورية التشكيلة التي يرفعها إليه، ولم يوقع على مرسوم التشكيل أن ينزل بها الى المجلس النيابي ويطرح الثقة حتى إذا نالتها يصبح رئيس الجمهورية ملزماً بها وبالتعامل معها، ويعطيه الدستور مثل هذا الحق للحؤول دون حصول فراغ في إحدى أهم المؤسسات الدستورية يؤدي إلى الشلل، بل الى تعطيل الدولة، الأمر الذي لا تقر به كل الأنظمة الديمقراطية – البرلمانية المعمول بها في العالم حرصاً منها على انتظام عمل المؤسسات الدستورية.

اللبنانيون يترقبون الآن القرار الذي سيلجأ إليه رئيس الجمهورية وايضاً القرار الذي يتخذه الرئيس المكلف لحل هذه المشكلة الدستورية.