Site icon IMLebanon

قراءة في «دردشات» ومواقف الحريري

مع احترامي للرئيس سعد الحريري، نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومكمّل مسيرته، الذي قيّض لي ان اتعرف اليه والى مشاريعه ونظرته الى لبنان المستقبل، في جلسات طويلة، قبل ان يصبح رئيساً للحكومة وبعد ذلك، الا ان هناك عدداً من الملاحظات والمآخذ على بعض مواقف الشيخ سعد، لا بد من مناقشتها والقاء الضوء عليها، ولن اعود الى الماضي البعيد، بل الى فترة الشغور في منصب الرئاسة الاولى بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان.

رشح حزب القوات اللبنانية رئيسه الدكتور سمير جعجع الى منصب الرئاسة وسرعان ما ارتفعت اصوات قريبة من سعد الحريري ومن كتلته، تظهر عدم رضاها على عدم تنسيق ترشح جعجع معها قبل اعلانه، ولكن الحرص على وحدة 14 آذار تغلب على العتب وعدم الرضى، واعلنت كتلة المستقبل وباقي مكونات 14 آذار تأييد ترشح جعجع، وحضر تقريباً، جميع نواب انتفاضة 14 آذار الجلسة اليتيمة لانتخاب رئيس، ولم تتكرر حتى الان، ونقل يومها بعض الاعلام اجواء «مستقبلية» مرتاحة للنتائج، وتدعو الى البحث عن مرشح وسطي مقبول من اكثرية اللبنانيين، يسمح انتخابه بتسهيل وصول سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، على عكس وصول جعجع او اي مرشح من قوى 14 آذار، وقد يكون هذا السبب وراء تفتيش الحريري عن مرشح بديل لجعجع، من المستقلين او من تكتل 8 آذار، فحاول مع العماد ميشال عون ولم يعرف حتى الان حقيقة فشل التفاهم معه، الى ان وجد ضالته بتأييد النائب سليمان فرنجية، ويبذل في سبيل نجاح هذا التأييد، جهوداً كبيرة محلية وخارجية لم يبذل منها شيء في سبيل حليفه سمير جعجع، بل بالمقابل شنت على جعجع حملة كبيرة من تيار المستقبل، توجّها الحريري بملاحظته السمجة في ذكرى استشهاد والده، واستكملت بتجمع ثلاثي طائفي رداً على تفاهم عون – جعجع، واعلان جعجع تأييده ترشح عون للرئاسة الاولى. واستكمالا لهذا الملف لا بد من الاشارة الى آخر «دردشات» الرئيس الحريري، والتي قال فيها ان «ترشيح جعجع لعون اراح حزب الله الذي كان مزروكاً» ويقصد ان حزب الله مزروك بتأييده ترشيح سليمان فرنجية وتناسى الحريري ان فرنجية زار امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ووضع ترشيحه بين يديه، واطلعه على ما يدور، ونصحه نصر الله بمتابعة اتصالاته بالحريري، ولكن دون الارتباط بأي تعهدات، فلو ان حزب الله «مزروك» ومنزعج من سعي فرنجية، كان اوضح له منذ البداية هذا الانزعاج، ولكنه شجعه لان فرنجية عين وعون العين الثانية فاين الزركة يا طويل العمر؟

***

يبقى الشق الثاني من «دردشات» الرئيس الحريري، التي لا تتسم باي منطق وموضوعية، وهي استكمال او متابعة لما قاله الوزير نهاد المشنوق ورئيس الحكومة تمام سلام، رداً مستهجناً على مطالبة الوزراء والنواب والقيادات المسيحية، بمعالجة موضوع جهاز امن الدولة، وغيرها من التدابير الكيدية، بما يتناسب مع القانون والحق وميثاق العيش المشترك، والشعار الذي لا يطبق الا على الورق «لقد اوقفنا العد» حيث يقول الحريري «لا يجوز ان نخرب البلد من اجل شخص» وهو في المبدأ على حق في ما يقوله، ولكنه يتجاهل هو وغيره ان الموضوع يتجاوز لاشخاص الى سياسة استقواء مريضة يجري انتهاجها ضد الوجود المسيحي في الادارات والوزارات وقوانين الانتخابات والانماء المتوازن. علما بان تيار المستقبل سبق واثار ازمة طويلة عريضة من اجل سهيل بوجي امين عام مجلس الوزراء سابقا والمستشار الذي لا يستغنى عنه حالياً ناهيك عن سقف الحماية المرفوع فوق رأس العميد حمود في طرابلس، وفوق رأس شركة سوكلين، وهل ان تجاهل توافق اكبر حزبين مسيحيين على موقف معين يصب في مصلحة البلد؟

***

المسيحيون يرفضون الطائفية والتصرفات الطائفية، ومنذ سنوات طويلة وهم يطالبون اما بتطبيق نص الدستور وتنفيذ اللامركزية الادارية الموسعة، واما بنظام مدني علماني الوجه واللسان، وبمجلس نيابي خارج القيد الطائفي، مقابل مجلس شيوخ طائفي، ولكن ان نبقى بنظام طائفي دون تطبيقه بصدق وامانة وميثاقية فهذا امر غير مقبول لا اليوم ولا غداً، ويكفي رفع شعارات لا تساوي ثمن حبرها.