برّي يطلب اليوم أجوبة أقطاب الحوار على مبادرته بشأن الإنتخابات النيابية أولاً
قراءة القوى السياسية لمسار الإنتخابات البلدية لم تكن مشجّعة.. ومقلقة نيابياً
الواقع الشعبي على الأرض يؤكّد بأن 8 و14 آذار باتا في خبر كان
تنطلق الجولة التاسعة عشرة من الحوار الوطني اليوم في عين التينة تحت وطأة ارتدادات نتائج الانتخابات البلدية في مرحلتها الثانية، وما أفرزته هذه الانتخابات من وقائع حملت الطبقة السياسية إلى إعادة قراءة هذا المشهد الانتخابي للاستفادة من الثغرات التي حصلت ليتم تجاوزها في أي استحقاق قادم لا سيما الانتخابات النيابية.
ويُنتظر أن يطرح الرئيس نبيه برّي على الطاولة اليوم مبادرته القائمة على إجراء إنتخابات نيابية وفق قانون جديد، وإذا تعذّر الاتفاق عليه، فوفق القانون الحالي أي الستين، على أن ينتخب المجلس الجديد رئيساً للجمهورية، وذلك بهدف تحديد كل فريق سياسي موقفه من هذا الطرح الذي سبق للرئيس برّي أن كلّف لجنة مصغّرة لإجراء الاتصالات وجسّ نبض القوى السياسية حيالها، مع أن المواقف السياسية باتت واضحة وشبه مكتملة حيث أن القوى المسيحية باستثناء «التيار الوطني الحر»، إضافة إلى تيّار «المستقبل» لا يحبّذان إجراء إنتخابات نيابية في الوقت الراهن، ويعطيان الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية.
وعشية الجلسة الحوارية أبلغ الرئيس برّي زوّار عين التينة أنه سيبقى يدقّ على الحديد حتى يفك اللحام، بمعنى أنه سيبقى على طرحه لجهة إعطاء الأولوية لقانون الانتخابات إلى حين الوصول إلى النتائج المتوخاة.
وإذا كان رئيس المجلس يأمل أن يلقى تجاوباً مع طرحه من قبل أقطاب الحوار، فإن مصادر سياسية متابعة ترى أن المناخات السياسية الموجودة حالياً لا توحي بإمكانية التجاوب السريع مع المبادرة، إذ أن المواقف المتشددة ما تزال على حالها، وهم على هذه الحال لن يتركوا أي مجال للدخول في نقاش فعّال وجدّي حول قانون انتخابي يُعيد الساحة السياسية إلى جادة الصواب.
وفي تقدير هذه المصادر بأن السلبية ستبقى تراوح في السلبية، كما الإيجابية تفتح على الإيجابية، ويبدو ان هناك من القوى السياسية لا يريد قراءة السلبية على حقيقتها وهو في غير الوارد ان يحيد عن موقفه باتجاه فتح أفق جديد يمكن النفاذ منه باتجاه إعادة ترتيب البيت الداخلي إن على مستوى انتخاب الرئيس أو وضع قانون جديد للانتخابات.
وفي رأى المصادر ان أجواء الانتخابات البلدية وما ينجم عنها من نتائج سيجعل كل فريق سياسي أكثر تصلباً في موقفه حماية لموقفه السياسي الذي يخاف ان يفقده في حال طرأ أية متغيرات في المشهد السياسي الحالي إن على مستوى قانون الانتخاب أو حصول الانتخابات بحد ذاتها في حزيران من العام المقبل حيث كان الرئيس برّي حاسماً وجازماً بأن لا تمديد جديد للمجلس وأن الانتخابات النيابية حاصلة على قاعدة أي قانون للانتخابات إن كان هذا القانون جديداً أو على أساس القانون الحالي.
وتعتبر المصادر ان القوى السياسية دخلت إلى معركة الانتخابات البلدية مهمشة وخرجت أكثر تهميشاً، فهناك واقع جديد فرزته الانتخابات والبعض يحاول تضخيم نفسه بطريقة «ضفدعية» التي تكبّر حجمها من خلال نفخ الهواء في جسمها، ولكن سرعان ما تعود إلى الحجم الطبيعي بعد تنفيس هذا الهواء.
وفي قراءة هذه المصادر للشكل والمضمون للانتخابات البلدية تخلص إلى التأكيد بأن هذه الانتخابات أدّت إلى إلغاء 8 و14 آذار اللذين لم يعد منهما الا العنوان العريض، حيث ان واقع الأرض لم يعد يشبه على الإطلاق ما كانت عليه منذ العام 2005، وأن الانتخابات النيابية في حال حصلت ستكون بمثابة الضربة القاضية لهذين العنوانين اللذين لن يعود هناك أي شيء يُبرّر وجودهما كطرفين متنازعين، فالمشهد السياسي قابل للتغيير والتفاهمات السياسية التي نشأت مؤخراً لا سيما بين الرابية ومعراب ستتحول إلى تحالفات في المعركة النيابية، لأن حصول العكس سيسقط هذا التفاهم ويجعله وكأنه لم يكن وهو ما يحرص الطرفان على عدم الوصول إليه، بعد ان لقي التفاهم بينهما ارتياحاً وإن بالشكل على الساحة المسيحية التي حصلت فيها تحالفات وتركيبات لوائح من عجائب الدهر، حيث تفرق العشاق في بعض المناطق، وتحالف الأضداد في مناطق أخرى، وهو ما يعطي انطباعاً بأن ما فرضته الانتخابات البلدية على أرض الواقع سيكون له تداعياته على الانتخابات النيابية وربما أيضاً على الانتخابات الرئاسية.
وإذا كانت هذه المصادر لا ترى أي حظ بإمكانية الوصول إلى إنتاج قانون جديد للانتخابات، فإنها تعتبر ان حصول الانتخابات البلدية في ظل غياب تام لأية مشاكل كبيرة أو توترات أمنية، أقفل الباب على مجرّد التفكير في حصول تمديد آخر للمجلس الحالي، لا بل انها تشكّل قوة دفع قوية في اتجاه حصول الانتخابات النيابية على قاعدة أي قانون للانتخابات حتى لو كان قانون الستين.