تساؤلات كثيرة تطرح في موضوع الانتخابات البلدية حول تأجيلها او تأخيرها لبعض الوقت خصوصاً ان وزير الداخلية نهاد المشنوق لم يدع بعد الهيئات الناخبة ، اذ يرى المشككون في حصولها ان بلاداً بدون رئيس جمهورية وبمجلس نيابي ممدد له مرتين ليست بحاجة بالضرورة لانجاز هذا الاستحقاق فيما البلاد غارقة في النفايات والخلافات السياسية ولا يمكن للسياسيين الاتفاق على رئيس للبلاد.
وتكاد حماسة وزير الداخلية للانتخابات والتجهيزات اللوجستية في وزارة الداخلية لا تكفي، ولا تعني ان الانتخابات صارت امراً واقعاً وحتمياً بحسب مصادر متابعة، فالمستقبل رغم الحماسة الظاهرة لوزيره فان المستقبل الذي حضر زعيمه وقام بخطوات ولقاءات في طرابلس والبقاع في هذا الصدد مجرياً سلسلة مصالحات لتعزيز وضعه الانتخابي لا يريد ضمناً الانتخابات البلدية، والتمديد للمجالس البلدية فرضية قائمة وقد تفرضها مسار الأحداث وفي حال حصول تطورات امنية، رغم ان مجمل القوى السياسية لا تبدي اعتراضات على الانتخابات النيابية كما فعلت في الاستحقاق النيابي فحصل التمديد الاول ومن ثم الثاني للمجلس النيابي. وما يعزز هذه الفرضية تداخل العوامل المحلية والاقليمية مع بعضها من الاستحقاق الرئاسي المعطل بين مرشحين من فريق 8آذار ، الى الوضع الحكومي الى الاحداث في الدول المجاورة. وبالتالي فان جهوزية الداخلية وهمة المشنوق وحدهما لا تكفيان لانجاز الاستحقاق البلدي اذا كانت القوى السياسية التي تجاهر بحماستها له فيما هي في الواقع غير لاهثة وراءه والقيادات السياسية باتت منقسمة بين معسكرين لاتمام الاستحقاق الرئاسي.
برأي البعض فان الاستحقاق البلدي سوف يلاقي المصير نفسه الذي حصل لمجلس النواب وان مواقف القوى السياسية لن تتعدى المزايدات الكلامية في حال حصلت الاعتراضات. وتطرح المصادر تساؤلات عن الجدوى في الدخول بانتخابات للمجالس البلدية والاختيارية طالما الكرسي الاولى فارغة ومجلسي النواب والحكومة في حال فضائحية من العجز والشلل، وفيما النفايات تغزو الشوارع فما الجدوى من الدخول في متاهات الانتخابات البلدية التي ستوجد بلديات وهيئات بلدية غير متمرسة سيكون على عاتقها ربما مسؤوليات في حال سلك قرار ترحيل النفايات حيز التنفيذ او لم يحصل في هذا الملف. ولعل العامل الامني يبقى هو الادق في ظل المخاوف من عودة التفجيرات الامنية على اعقاب فشل وتمييع الملف الرئاسي ودخول الانتخابات الرئاسية ثلاجة الانتظار، فلا ميشال عون بوارد التراجع عن ترشيحه ولا سليمان فرنجية بوارد الانسحاب للعماد عون. بخلاف ذلك فان المؤيدين للانتخابات يرون ان على القيمين انجاز الاستحقاق لامتصاص نقمة التمديد وتعطيل المؤسسات، وتبدي بعض القوى السياسية حماسة غير مسبوقة تجاه اجراء الانتخابات وخصوصاً التيار الوطني الحر والقوات وهذا ما توحي به التحضيرات اللوجستية، وينقل العارفون في كواليس الفريقين ان هذا الاستحقاق يعتبر مفصلياً اليوم واختباراً لتحالفهما، ويواكب كل من «الجنرال» و«الحكيم» التحضيرات بكل تفاصيلها ويروي العارفون ان عون يسأل دائماً عن مرشحي القوات على اللوائح التي تصل اليه ويصر على تطعيمها باكبر عدد ممكن من مرشحي العائلات من الصبغة القواتية.
وبنظر القوات والتيار فان هذا الاستحقاق محطة لا يمكن الاستهتار بها، لانها ترجمة لتفاهم الرابية ومعراب مثلما كانت حرب تموز عنواناً لاختبار تفاهم حارة حريك والرابية فان استحقاق الانتخابات البلدية بروفة أولية تسبق الاستحقاقات الأخرى وتظهر مدى التزام العونيين والقواتيين بتفاهم معراب. وتسعى القوات واليتار الى تحقيق انتصار مسيحي في كل البلدات والبلديات الكبرى وحتى الصغرى لتوجيه رسالة الى منتقدي تفاهمهما من الحلفاء والاخصام على الساحة المسيحية ولتثبيت مقولة انهما يملكان الاكثرية المسيحية ، وبدون شك فان المواجهة في البلديات ستكون مع «المردة» في الشمال في البلدات الكبرى ومع الكتائب ومع استثناءات مع تيار المر في بعض البلديات الاخرى في بعبدا والمتن وكسروان ، وبالمحصلة فالمعركة بحد ذاتها استحقاق اساسي، ويريد الفريقان استخلاص العبر وتبيان حجمهما ونفوذهما في المناطق المسيحية.