IMLebanon

قراءة عسكرية وأمنية في تفجيرَي برج البراجنة وباريس؟

بَعد هدوءٍ دام سنة وخمسة أشهر، عاد الإرهاب ليضرب الضاحية الجنوبية ويهدّد كلّ لبنان، ثمّ تَغلغل داخل فرنسا، ما أثار صدمةً في العالم.

تنَوّعت القراءات الأمنية للعمل الإرهابي في فرنسا، خصوصاً أنّه وُصِف بـ»11 أيلول الفرنسي»، فيما أبدى لبنان تعاطفاً مع باريس لأسبابٍ عدة، أبرزُها أنّه ذاقَ طعمَ الإرهاب وأنّ فرنسا هي البلد الصديق والذي يُطلَق عليه لقب «الأم الحنون». وفي القراءة الأمنية، حَذّر وزير الداخلية نهاد المشنوق من «عمليات انتحارية، وقال إنّ هناك قراراً كبيراً بالتفجير في لبنان».

وفي قراءته للأحداث من نظرةٍ عسكريّةٍ، رجَّح العميد المتقاعد نزار عبد القادر لـ«الجمهورية» أن «تكون الجهة التي خطّطت لانفجار الضاحية الجنوبية هي نفسها التي خططت في باريس، لكنّ عملية الاختراق في هذه الأخيرة اختلفت بسبب بعد المسافات واختلاف المجتمعات، فتطلّبَت الهجمات تخطيطاً أكثر دقّة وأصعب، خصوصاً لجهة إقامة قاعدة لوجستية في تلك المناطق، ففي لبنان هناك سهولة أكثر لأنّ أكثرية الإرهابيين يمكنهم التسلّل إلى الساحة وكأنّهم مقيمون عاديّون أو مجرّد عمّال سوريون، أمّا في فرنسا فهناك إجراءات سَفر ومشاكل اللغة وصعوبة إيجاد منازل آمنة تَأويهم،

إضافةً إلى موضوع تهريب الأسلحة والمتفجّرات عبر الحدود الأوروبية»، موضحاً أنّ «الإرهابيين دائماً في موقع المبادرة لأنّهم يختارون مكان الهجوم وتوقيتَه والأهداف التي يبغون تحقيقها، لذلك فالأجهزة الأمنية هي دائماً بوضع المتلقّي، لأنّها مهما سعت للاستعلام وتبادل المعلومات واستعمال التحليل المنطلق من قاعدة استعلامية دقيقة، فإنّ ذلك يبقى تقييماً أمنياً لا نَعرف إذا كان سيتحقّق أو لا، من هنا مهما كانت درجة الإنذار عالية، إلّا أنّها تبقى ضرباً من ضروب الحظ».

وفي الوضع اللبناني، وعن الانفجار الأمني الكبير الذي أشار إليه المشنوق، أكّد عبد القادر أنّ «لوزير الداخلية مصدرَ معلومات أساسياً في التحقيقات حول المخطط الإرهابي، فهو عندما يقول ذلك فلا مجالَ للشكّ، وفي دراسة نشرتُها سابقاً أشرتُ الى أنّ الإرهاب دائماً بصَدد تطوير أساليب جديدة غير تلك التي صارت مألوفةً من قبَل الأجهزة، فهو يتغذّى بسرعة، والإنجازات التي حقّقتها الأجهزة الأمنية لا تَعني انتصارَها عليه، فالوضعُ السياسي وضَع لبنان في حالة من الانكشاف الخطير».

أمّا العميد المتقاعد خليل الحلو وفي حديثه لـ»الجمهورية» فقد جزمَ بأن «لا شكّ في أنّ من يقف وراء تفجير برج البراجنة والذي خططَ لنفس العمل في طرابلس هو الذي أشار إليه المشنوق، وما يَحدث هو حرب شاملة وليس فقط على صعيد لبنان، فإسقاط الطائرة الروسية، ومِن بَعدها الطائرة في جوبا، والتي لم يُعرَف ما إذا كان عملاً إرهابياً أو عطلاً تقنياً،

ومِن بعدها تفجير برج البراجنة ثمّ الأعمال الإرهابية في فرنسا، كلّها داخلةٌ في إطارٍ واحد إذ إنّ الرسائل كلّها واضحة، فـ»داعش» اليوم تحت الضغط وليست في وضعٍ مرتاح، إذ مِن جهة يسعى التحالف الأميركي لإيجاد طرق جديدة لمحاربتها، وهناك تفاهمات أميركية – تركية تَلوح في الأفق، خصوصاً في «مؤتمر دوَل الـ 20» في تركيا، إذاً «داعش» تتعرّض لخطر الخَرق، ففي حال أُغلِق متنفّسُهم الوحيد مع الدول التركية، تكون أيّامهم صعبة»،

مشيراً إلى «أنّهم بموقع الردّ حاليّاً بغية حفاظهم على أرضهم التي جَعلت منهم «دولة»، والتي تُمكّنهم من الامتداد الى أماكن أخرى، فهم أصبَحوا متواجدين في مصر، ليبيا، مالي، الجزائر، اليمن، الصومال، القوقاز… إلخ، كلّ ذلك لأنّهم «دولة»، وهو ما يُفرّقهم عن «تنظيم القاعدة»، ومنذ إعلانهم الخلافة، أي منذ سنة ونصف السنة، امتدّوا بشكلٍ كبير.

والعمليات الجوّية، وإنْ أضعفَتهم، إلّا أنّها خَلقت تجاههم تعاطفاً كبيراً وتَوافُدَ مقاتلين، واليوم بعد التدخّل الروسي ومِن بَعد الجهد الأميركي وقصف الفرنسيين لنحو 1700 غارة، يمكننا اعتبار لبنان «حلقةً من المسلسل»، فإذا تمكّنوا من الرد فيه وإثارة البلبلة واستطاعوا تخريبَ الوضع الأمني وخلقَ مناطق يسيطرون عليها فيه، يصَعّبون عملية تطويقِهم».

وعن تصريح المشنوق، شرحَ الحلو أن «لا انفجار أمنياً في لبنان، وإنّما ثغرات أمنية، فالأوّل يحصل عند وجود طرفين جاهزين له، واليوم حزب الله ليس في وارد فتح جبهة داخل لبنان، وتيار المستقبل لا يملك ميليشيا، أمّا المخيمات الفلسطينية، التي كانت هناك محاولاتٌ للإيقاع بينها وبين حزب الله، فقد صدرَت على لسان رئيسها محمود عباس مواقفُ واضحة،

ورفعَ بالتوازي نصرالله المسؤولية عن الفلسطينيين في خطابه، لكنّ الثغرات الأمنية موجودة دائماً وليست حكراً على بلد معيّن رغم كلّ التدابير، فحتى فرنسا طالَها الإرهاب عِلماً أنّها دولة الأمن والمؤسسات»، موضحاً أنّ «الخروقات الأمنية لا تَعني انفجارَ البلد، فالفوضى والحرب الأهلية مستحيلة طالما إنّ الخطاب السياسي متَّزِن، ولا طرفَ منجرفٌ وراء ما يحصل، في ظلّ وجود قوى أمن وجيش يقومون بواجباتهم، إضافةً إلى تيَقّظ الناس لِما يجري وعدمِ انجرارهم خلف حماسهم الذي يبقى في إطار التجاذبات الكلامية».

ولفت الحلو إلى أنّ «مجلس النواب خفّضَ المبلغ المخصّص لتسليح الجيش نسبة 40% بدون اعتراض من أيّ نائب، علماً أنّه يجب دعم الجيش بالفعل وليس بالكلام فقط، وذلك اليوم أكثر من أيّ وقت مضى».