بدت اليوم الصورة الدولية والاقليمية مختلفة عما كانت عليه خلال الأعوام الماضية، لا بل تبدلت التحالفات واللقاءات بعد قطيعة، وردات فعل معادية، وتدهور في العلاقات العربية – العربية، العربية – الاميركية، والعربية – الاوروبية.
وبحسب قراءة لأحد الديبلوماسيين الغربيين المخضرمين بالملفات الدولية، أشار الى ان »داعش« الى انحسار، والقوى العربية »السنية الطابع« كالاردن ومصر ودول الخليج، تدعو للاعتدال والعقلنة والوسطية، وقد تبين جلياً من خلال التطور الملفت للمملكة العربية السعودية في تحرير بعض القوانين الداخلية في المملكة، وتثبيت قواعد الاعتدال والوسطية.
وأشار الديبلوماسي في عشاء خاص في إحدى السفارات في بيروت، الى ان زيارة العاهل السعودي الى روسيا الملك سلمان خلال الأسابيع الماضية، تدل على عمق العلاقات الجيدة، التي تربط روسيا بالسعودية متخطية الخلافات في الملف السوري والاقليمي، كما للعلاقات السعودية – الاميركية أيضاً مساحة واسعة من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.
وبحسب المرجع أعلاه، فإن البعض يعتقد ان هذا التطور في الموقف العربي العام سوف يدفع بالولايات المتحدة الى مواجهة ايران و»حزب الله« بصورة جوهرية ساحقة، وان الرئيس الاميركي دونالد ترامب سوف يلغي الاتفاق النووي الايراني، الى درجة ان البعض ذهب أيضاً الى القول بأن حرباً قد تشن ضد ايران و»حزب الله«.
إلا أن الواقع مغاير تماماً، لما يظهر في الاعلام وفي التصاريح الديبلوماسية الخارجية، فالحقيقة ان ترامب لم يذهب الى حد الغاء الاتفاق، ولم يحدد »حزب الله« بالارهاب بل »بالمنظمة الاجرامية«، وذلك بهدف زيادة الضغط بمختلف الوسائل، إنما بعيداً عن الحرب المباشرة.
وتابع المصدر، ربما يكون الهدف أيضاً ليس اضعاف ايران والمحاولة على القضاء على »حزب الله«، بل تخفيف قدراتهما وتأثيرهما في المنطقة بشكل يخلق معه توازنا جديدا بين المعسكر العربي المعتدل، والمعسكر الايراني بعيداً عن أي هيمنة أي معسكر على معسكر آخر.
وفي هذا الاتجاه، سعى البعض الى إبعاد ايران ومرجعيتها »قم« عن العراق العربي ومرجعيته »النجف«، وهذا أمر صعب، إلا أنه من الملفت ان يسعى الرئيس العراقي حيدر العبادي الى خلق علاقة متوازنة بين ايران والعراق وعلاقتها بالسعودية من دون الابتعاد عن ايران بالذات.
ورداً على سؤال عن دور لبنان في كل ذلك، يقول المصدر الأجنبي أنه من المفترض بلبنان ان يكون على موقف متساو، إن لم يكن محايداً بين الطرفين.
إلا ان الواقع، ان هناك أطرافاً أساسيين في لبنان، ترى ان الارتباط بالمحور العربي أمر طبيعي كون لبنان دولة عربية وأنَّ أطرافاً فاعلة أخرى تعتبر ان الارتباط بالمحور الايراني هو من ضمن عقيدتها ومصالحها.
لكن وعلى الرغم من هذا التباعد في المواقف والميول، نجحت الاطراف اللبنانية حتى الساعة وعلى رغم اختلافها، في ابقاء لبنان على خط متساوٍ مقبول من الطرفين، أحياناً عبر طريق الاقتراب، وأحياناً أخرى عن طريق الابتعاد بعض الشيء من الطرفين.
وتستخلص المصادر، أنه يتبين ان هناك رغبة وطنية ملفتة بإبقاء لبنان خارج الصراعات، اضافة الى موقف عربي – ايراني مقبول لجهة تفهمهم الموقف اللبناني المتحفظ تجاه الصراع القائم اليوم على السكة الاقليمية.
كذلك، يجب ألا ننسى الموقف العربي – الروسي، وهو موقف أساسي في السعي الى ابقاء لبنان خارج الصراعات القائمة، ربما حباً بالنموذج اللبناني وبلبنان، ومن باب المصلحة حيث ان هذه الدول في حاجة الى لبنان، وتحديداً مطاره ومصارفه، ومرفأه، ورجال أعماله للمساهمة في إعادة اعمار سوريا عندما يحين الوقت.
فلبنان بالنسبة الى الكثير من الدول الأجنبية والاقليمية يعتبر ان هذا البلد سيكون »المعبر« الوحيد للدخول من والى سوريا، وسيدفع اقتصاده الى مزيد من التقدم والتطور والنمو.