Site icon IMLebanon

استعداد للأزمة التالية: هل نتعلم الدرس الأميركي؟

 

 

لا شيء يوحي ان الهموم الاقتصادية والمالية والاجتماعية الضاغطة على الناس ضاغطة على التركيبة السياسية. لا في تأليف حكومة مؤهلة للحكم الرشيد تتركز اهتماماتها على معالجة هموم الناس ومواجهة التحديات أمام لبنان. ولا حتى في تأليف حكومة محاصصة أقل من عادية لكي تعود آلة السلطة الى العمل. فالأولوية لحسابات المال والسلطة المفتوحة على حسابات اقليمية. واذا كان موعد المرافعات في المحكمة الدولية دفع السيد حسن نصرالله الى التحذير بالقول: لا تلعبوا بالنار ما جعل تيار المستقبل يحذر بالقول: لا تلعبوا بالعدالة، فان التحذير الذي نسمعه في الداخل ومن الخارج هو: لا تلعبوا بلبنان.

ذلك ان من أسس السياسة في الدول الحقيقية استباق الأزمات بالاستعداد لها مهما يكن الوضع جيدا. ومن إمارات الدول الفاشلة ترك الأزمات تتراكم في وضع مأزوم للالتفات الى المواقع في السلطة. فهل نتعلم الدرس الذي قدّمه بن برنانكي وتيموثي غينتز وهنري بولسون في مقال مشترك نشرته النيويورك تايمس تحت عنوان: استعداد للأزمة التالية؟

لا مجال لمقارنة الوضع في لبنان بالوضع في أميركا. فلا خلاف هنا على كون الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية مأزومة.

 

الجدل هو بين من يحذر من الوصول الى الانهيار الكامل، وبين من يضع ذلك في خانة الحرب النفسية لضرب الوضع السياسي، ويرى ان البلد قادر على التعايش مع الأزمة.

ولا خلاف في أميركا على كون الاقتصاد في وضع صحي: النمو سجّل نسبة الى ٤،٢%، البطالة انخفضت الى ٣،٣%، وخلال ال ١٩ شهرا الأولى من رئاسة ترامب تمّ خلق ٣،٥٣ مليون فرصة عمل. الجدل هو بين القائلين مع ترامب ان الفضل يعود له، وبين القائلين مع أوباما ان الانتعاش مستمر من العهد السابق الذي خلق في ال ١٩ شهرا الأخيرة له ٣،٩٦ مليون فرصة عمل.

لكن ذلك لم يمنع الرئيس السابق لبنك الاحتياط الفيديرالي والوزيرين السابقين للخزانة من الدعوة الى الإعداد للأزمة التالية. فهم لعبوا أدوارا مهمة في معالجة أزمة العام ٢٠٠٨. ويرون اليوم ان وسائل المعالجة تتآكل مع الزمن، والحاجة كبيرة الى وسائل تجعل النظام المالي أكثر مرونة كما الى التأكد من ان الأجيال الجديدة من اطفائيي الأزمات المالية لديها السلطة لمنع النار المقبلة من ان تصبح حريقا هائلا. لا بل يعترفون بأن السياسات الضرورية لوقف أزمة مالية هي دائما غير شعبية سياسيا.

وعلى العكس، فنحن في عجز عن معالجة الأزمات الحالية وعن الاصلاحات الضرورية لتنشيط الاقتصاد، وفي تشاطر حيال تأليف الحكومة. ومن الصعب تصوّر أي استعداد لأزمات مقبلة.