IMLebanon

بين “احتمالات” رفع سعر الدولار وبين العقار والإيجار… لكل سؤال جواب

 

تتعدّد الاسئلة التي تشغل بال اللبنانيين، من الناحية الاقتصادية والمالية والمعيشية والسياسية والامنية. فكل واحد منّا يعيش خوفاً من المستقبل، ويتمنى الحصول على الاجوبة التي تقلقه، بدءاً من “تهريب” امواله المدخرة في المصارف، أو الانتظار لسحب دولاره على قيمة 4200 بدل 3900، وصولاً الى طرح احتمال نشوب حرب في لبنان. فما هو رأي الخبراء بهذه المواضيع الملحة والمصيرية؟

 

بات القلق رفيق أيامنا، في ظل الوضع المتأزم الذي يشهده لبنان. أسئلة كثيرة نطرحها في جلساتنا الخاصة، أو نفكر فيها جدّياً مع أنفسنا، وصار الحصول على الاجابة أقرب إلى هاجس نبحث عنه في كل فرصة، تارةً ننتظر توقعات المنجمين وطوراً نستشير من يدعي إلمامه بكل شأن واختصاص، وبعيداً من علم الغيب و”المتفلسفين”، يجيب الخبراء بالوقائع والعلم عن تساؤلاتكم. نبدأ بالوضع المالي الدقيق جدّاً اليوم، ويتطلب استشارة متخصص بإدارة المحفظات المالية، كي يحمي كل شخص محفظته المالية، على الرغم من الخسائر الفادحة التي لحقت بكل من لم يتحرك سابقاً لحماية امواله. نستشير الاستراتيجي في اسواق البورصة العالمية وشؤون الاستثمار، جهاد الحكيّم، ليوضح لنا كيفية التصرف بأموالنا اليوم، فيجيب “توجد قاعدة ذهبية، الا وهي تنويع المحفظة المالية”.

 

ولطالما نصح الحكيّم كل من “يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية، بتنويع محفظته المالية بين الدولار واليورو والذهب والعقار للتحوّط من عدم إستقرار سعر الصرف، حتّى لو خسر الفرد قسماً منها. كذلك يمكن لمن يستفيد من تعميم مصرف لبنان رقم 151 القاضي بالسماح للعميل المودعة أمواله بالدولار، أن يسحبها بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار، أن يشتري بقسم منها الدولار النقدي. بشكل عام، هذه هي القاعدة الاساس، ولكن تتغير التفاصيل بحسب حجم المحفظة المالية لكل شخص. وأرى جدّياً أنّ من لم يتصرف بأمواله المودعة في المصارف، قد تأخر كثيراً على معالجة وضعه اليوم. فمنذ بداية العام 2019 ونحن ننصح الجميع بتحويل مالهم الى الخارج وتنويع محفظتهم المالية”.

 

ماذا عن شراء الذهب؟

 

يجيب الحكيّم: “يندرج شراء الذهب ضمن قاعدة “التنويع”، مع الاشارة الى وجود توقيت محدد للشراء والاستثمار”.

 

يتوقع الحكيّم أن لا سقف بالتحديد لارتفاع سعر صرف الدولار، كذلك يرى أنّ الـ17 مليار دولار ونصف المليار،التي تشكّل الاحتياط الالزامي في مصرف لبنان، غير متوافرة نقداً بالدولار، بل أعطي قسم كبير منها للمصارف، ولو كانت موجودة فعلياً على شكل دولار نقدي فلماذا لا يقلص المركزي حجم الاحتياط الالزامي، ويمدّ قسماً منها للمؤسسات الصغيرة وصغار المودعين، لتحريك العجلة الاقتصادية؟ من جهة أخرى، يوجد من يتقاضى راتبه بالدولار من خلال شيك مصرفي، وقرر بعض من هؤلاء ترك قسم من قيمة الراتب في المصرف، بعد سماع امكان ارتفاع قيمة الصرف بحسب التعميم 151 من 3900 الى 4200. ماذا عن هذه الخطوة؟ يجيب الحكيّم: “ليست خطوة ذكية، لأنّ هذه الفكرة واردة منذ مطلع ايلول، فالتعميم الذي كان يسمح بالسحب على قيمة صرف 3900 ليرة لبنانية عندما كان الدولار في السوق الموازية 7000 ليرة لبنانية، قد يسمح لاحقاً للمواطن بسحب دولاراته على 4200 ليرة عندما يلامس مستوى الدولار الـ9000 ليرة في السوق الموازية، وعلمياً سيتقاضى المواطن أموالاً اقل من الناحية الحقيقية وليس الإسمية، فنسبة 3900 من 7000 ليرة لبنانية هي56 في المئة، بينما 4200 من 9000 هي 46 في المئة، وبالتالي يكون وضعه قد تراجع عكس ما يظن البعض”.

 

 

إذا كانت نصيحة الحكيّم ترتكز على تنويع المحفظة المالية، فهل يدخل الاستثمار من خلال شراء العقارات من ضمن قاعدته الذهبية؟ يشهد سوق العقارات في لبنان “هجمة” شراء بهدف تهريب الاموال المودعة في المصارف، وسيستمر الوضع على حاله الى حين وضع تصور مالي جديد، واعادة لبنان إلى السكة الصحيحة من ناحية الهيكلة المالية وبناء الاقتصاد، من هنا لا يتوقع الخبراء استقرار سوق العقارات حالياً. توضح مديرة التواصل والإعلام في”FFA private bank ” ونائبة رئيس جمعية مطوري العقار في لبنان “REDAL” ميراي قوراب ابي نصر أبرز النقاط التي تشغل بال اللبنانيين في هذا السياق:

 

هل هذا هو الوقت المناسب لشراء العقارات؟

 

اذا كان لدى الشخص مردود مالي بالدولار من لبنان أو من خارجه، فخطوته المثالية تتمثل بالإيجار حالياً، والشراء لاحقاً، لأن سعر العقار سيتراجع مع تدهور العملة، أي بدل شراء شقة سكنية بـ100 ألف دولار سيتمكن من الحصول عليها بـ50 ألفاً. مع الاشارة، الى أنّ سوق العقارات ارتفع بسبب زيادة الطلب عليه، من الذين يهربون أموالهم المصرفية بواسطة الشيكات، ويركنونها بملاذ آمن الا وهو العقار. بشكل أوضح، أنصح كل من ينوي تهريب امواله بالليرة اللبنانية أو بالدولار من المصرف، عدم التردد بالشراء الآن، قبل تدهور الليرة اللبنانية أكثر، ومن يملك الدولار النقدي، فليبتعد عن الشراء لان السوق بوضع “غليان”، وسيتمكن لاحقاً من التحكم بسعر العقار، وفرض شروطه على البائع عكس ما يحصل الآن”.

 

أولاً، على اللبناني أن يفهم، أنّ صرف كل ما يملكه في المصرف لشراء عقار، هو خطوة خاطئة، بل يجب الاستثمار بقسم منها فقط، ليتمكن من الاستمرار بتأمين حاجاته اليومية. ثانياً، الشراء “بذكاء”، اي شراء عقار بموقع مميز، لأنّ غالبية من يشترون عقارات لا يحتاجونها فعلاً، وبالتالي سيعرضونها لاحقاً للبيع، وإن لم يكن موقع العقار جذاباً فسيفقد الشاري قيمة استثماره. ثالثاً، أنصح الشاري، بالابتعاد عن شراء عقار كلفة صيانته مرتفعة، لانّ ذلك سيكبده خسائر شهرية اضافية، هو بغنى عنها. أمّا من يفكر بشراء شقة سكنية وتأجيرها، فلن يتمكن من الاستفادة منها كما يظن مع تراجع قدرة الناس على دفع بدلات الايجار، ومع غياب الشركات الاجنبية المستثمرة في لبنان التي تدفع بالعملة الصعبة بدلات إيجار لموظفيها الأجانب. كذلك، لن تكون عقود الإيجارات اليوم ذات قيمة مغرية، وسترتكز على الليرة اللبنانية، وبالتالي فمردودها سيكون ضعيفاً.

 

هل ستتوفر القروض السكنية مجدداً؟

 

بعد نيل لبنان المساعدات الخارجية ولا سيما من صندوق النقد الدولي، سيعاود بناء الاقتصاد وضخ الاموال الخارجية من خلال الاستثمار في لبنان، ما يعني اعادة العمل بالقروض السكنية، وقد تدخل أيضاً مفاهيم جديدة الى السوق العقاري في لبنان.

 

بعيداً من الوضع الاقتصادي والمالي، تكثر أسئلة اللبنانيين عن الوضع الأمني، وامكانية نشوب حرب في لبنان. فكيف يحلل الخبراء الامنيون الوقائع الحالية؟ يجيبنا خبير أمني رفيع المستوى “يلزم الحرب طرفان للقيام بها، وعلى الرغم من الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، نلمس عدم وجود رغبة فعلية عند اي فريق لبناني بالصدام مع الآخر، وهنا أخص بالذكر “حزب الله” المسلح، الذي باستطاعته ان يشن الحرب على الفرقاء الآخرين. مضيفاً: “ولكن، حرب على من ولماذا؟ وما الهدف منها؟ وفي ظل غياب الاجابات عن هذه الاسئلة فهذا يبعد امكانية حصول حرب في الداخل اللبناني. كذلك، يستولي “حزب الله” على الدولة، فهو الآمر الناهي في كل لبنان، ولو كان هناك واجهة صورية لدولة مهترئة. فلماذا يخاطر الحزب بشن حرب تعرّض جماعته للخطر وتخسره كل مكاسبه، في حال خسارته، وتحقق له النتيجة الحالية ذاتها في حال انتصاره… ما من عاقل، يقوم بذلك”.

 

هل من ضربة اسرائيلية على لبنان؟

 

اسرائيل غير مستعدة لضرب لبنان، بما انها ستحصل على هدفها الذي ترغب بتحقيقه منذ العام 1982. فأين مصلحة اسرائيل بضرب لبنان، ما دامت ستحصل على مرادها ولا سيما مع بدء المفاوضات اليوم حول ترسيم الحدود البحرية؟ والذي سيستتبع لاحقاً بقرارات اخرى كترسيم الحدود البرية والتطبيع. وفي هذا الاطار، لا مصلحة لـ “حزب الله” بالقيام بعمليات إزعاج ضد اسرائيل، بما أنه سار بالمفاوضات، ولو حتّى تحت غطاء شرعي من الدولة اللبنانية، وتكمن مصلحته في نجاح هذه المفاوضات، ولا سيما أنّ التغيرات الاقليمية والدولية، تسير سريعاً لغير صالحه، وخصوصاً اذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الاميركية، وبالتالي قبوله بالمفاوضات، هو شعور ضمني، ان ما يحققه اليوم من خلالها، لا يمكن تحقيقه غداً بوسائل أخرى”.

 

وأخيراً، على هامش الأسئلة الملحّة،هل من حكومة مستقلين في المدى القريب؟ الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى الضرب بالمندل.