يُروى أن السير ونستون تشرشل كان يشرف على تسجيل وقائع معركة حساسة جرت بين الحلفاء والفوهرر هتلر، عندما حضرت اليه سيدة واستأذنته في اضافة عبارة مقتضبة تشير الى دور نسبته الى الرئيس الأميركي الجنرال دوايت ايزنهاور، فأبى.
وقال الزعيم البريطاني: النورماندي عنوان لنصر حققه البريطانيون لا الأميركيون، وطوى الموضوع.
وما حدث الأسبوع الفائت بين الجيش اللبناني، ومواقع الارهاب، هو نورماندي من نوع آخر.
وهذا ما يستطيع الجيش وقائده العماد قهوجي أن يفاخر به كل منهما، ويسجلاه في كتاب البطولة اللبنانية في دحر داعش وأخواتها، والنصرة وأبناء عمومتها.
والجيش مؤسسة عسكرية لا سياسية، لكنها تمارس الواقعية البطولية في المسألة اللبنانية الحديثة.
ليس ما فعله تشرشل تشاوفاً سياسياً.
لكنه عبر عن مكنونات لا يعرفها سواه.
وفي أحيان كثيرة، تكون الواقعية شقيقة التواضعية.
أو مرادفاً لحقيقة لا تظهر بسهولة.
بعد ظهر أمس، برزت واقعية في السياسة، عبر عنها الرئيس العماد ميشال عون، بعد زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري عشية الجلسة العشرين لمجلس النواب، بغية انتخاب رئيس جديد للبلاد، بعد ٣٠٠ يوم من الشغور في الموقع الرئاسي.
وكلام العماد هو جنرال الكلام.
وساعة يقول إن هناك تقدماً بسيطاً في الموضوع الرئاسي، يكون كلامه واقعياً.
والبسيط مرشح ليكون عظيماً.
كما انه من المحتمل أن يصبح صغيراً.
الا ان صدور الكلام في عين التينة، مقر الرئاسة الثانية، فمعناه إن هناك نقطة الى أمام، في المعركة الأساسية.
قبل انتقال العماد عون من الرابية الى عين التينة، صدر عن معراب توضيح يدحض التأويلات عن وصول الحوار بين الرابية ومعراب الى طريق مسدود.
وهذا يعني أن الأمور ليست حالكة، الى الحد الذي يريده رواد الطرق المسدودة.
والحوار ليس سهلاً.
كما ان الاتفاق ليس معجزة.
ومنذ مدة يقال إن الحوار الأميركي – الايراني، وصل الى نقطة متقدمة.
وان الاتفاق أصبح على قاب قوسين، وليس متعذراً التفاهم بين الرئيس أوباما والسلطة الايرانية.
ربما، يقتضي انتظار أشهر محدودة، لبلوغ مرحلة توقيع الاتفاق.
الا ان الاتفاق نضج بين الدولتين.
وعندما يكون نتنياهو معارضاً له، فإن العقبات ستكون صعبة في مجلسي الكونغرس.
طبعاً، لا بد من تسوية ترضي المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وتضع حداً للأزمات السائدة في اليمن والعراق وسوريا.
وهذا ما أشار اليه العماد عون في عينة التينة.
وما يعرفه الكبار ليس في متناول الصغار.