IMLebanon

نقاط “واقعية” تسعى واشنطن إلى “إسقاطها” على الاتفاق النووي

 

ما هي النقاط التي تطلب واشنطن تعديلها في الاتفاق النووي الموقع بين القوى الكبرى وايران، وهل هذه التعديلات قابلة لان تكون واقعية؟

 

اهم الانتقادات للاتفاق النووي والذي تطالب واشنطن بضرورة توافرها في مضمونه هي ان لا تكون هناك مهلة محددة له، وهي في الاتفاق الحالي ١٠ سنوات تمتنع ايران خلالها عن انتاج القنبلة، على ان تبدأ القيود حول ذلك بالتراجع اعتباراً من ٨ سنوات، على تنفيذه. فالادارة الاميركية الحالية تريد ضمانة بأن لا تقوم ايران بانشاء القنبلة ابداً وعلى الاطلاق وليس لمدة محددة فقط، والاوروبيون يعتبرون انفسهم انهم من خلال الاتفاق استطاعوا ابعاد خطر القنبلة لمدة ١٠ سنوات وهذا مهم. ويرون انه من الآن وحتى مرور هذه السنوات العشر، يتم ايجاد طريقة لمعالجة هذا الموضوع مع ايران، اما عبر اتفاق جديد او عبر عمل عسكري ما او غيرهما من الخيارات. ومن المهم قوله ان اي عودة الى انشاء القنبلة يعني ان خطرها يطال اوروبا، طبعاً ايضاً، مع خطر الصواريخ الباليتسية، ومعالجة الامر يشكل بالنسبة الى الغرب هدفاً استراتيجياً يفوق في اولويته كل الملفات الدولية.

 

والانتقاد الثاني، للاتفاق النووي، يكمن في انه لم يعالج مشكل وجود الصواريخ الباليتسية التي تقوم ايران بانجازها، وهي تحمل رؤوساً نووية بعيدة المدى وعابرة للقارات، وهنا خطورة الامر.

 

والانتقاد الثالث، هو ان الاتفاق النووي لم يعالج على الاطلاق مسألة دور ايران في المنطقة وطريقة الحد من نفوذها، فهل ان اي اعادة بحث في الاتفاق النووي، ستحتم ادراج ذلك في مضمونه. مع الاشارة الى ان ايران ولدى التفاوض حول الاتفاق النووي الساري المفعول، كانت دائماً ترفض ان يتم بحث نفوذها في المنطقة. وقد قَبِل الغرب بموقفها على اساس ان الاولوية لمعالجة خطورة الملف النووي وهو استراتيجي. على ان يتم البحث بنفوذها في ملفات المنطقة في وقت لاحق، تسهيلاً للتوصل الى الاتفاق. وكان آنذاك، في اعتقاد الغرب، انه اذا تم توقيع الاتفاق مع ايران، سيتم وضع حد لعزلتها الدولية، وستحصل على اموالها المجمدة دولياً بموجب العقوبات حول النووي. وهذا ما سيجعلها تتوقف عن دورها السلبي في ملفات المنطقة من اجل ان تبني علاقات دولية جيدة وانفتاحاً على المجتمع الدولي.

 

لكن هذه التوقعات لم تحصل، وما ان وقعت ايران على الاتفاق، وبدأت باسترداد اموالها المجمدة، وبدأت الدول الغربية بعلاقات سياسية واقتصادية معها، حتى عمدت الى زيادة التصلب في مواقفها حيال قضايا المنطقة، بدلاً من ابداء دور ايجابي فيها. وهذا ما اعاد خلط الامور بالنسبة الى الادارة الاميركية الجديدة لان دونالد ترامب مختلف عن سلفه باراك اوباما الذي تغاضى عن مواقف ايران السلبية في تلك الملفات. ويريد ترامب وقف تمدد النفوذ الايراني في المنطقة للتوصل الى خنقها مالياً وسياسياً وامنياً.

 

وبالتالي وجدت الادارة الاميركية الحالية، ان الاتفاق النووي عالج بشكل محدود الملف النووي، لكنه لم يعالج دور ايران في المنطقة، ولم ينعكس الاتفاق بحد ذاته على دورها بالشكل الذي يريده الغرب. فارتاحت ايران على وضعها مالياً، ولناحية ازالة العقوبات حول النووي بالتدرج. هذا ادى الى تقوية دورها الحالي المعروف وتعزيزه بدلاً من تقويضه او تحويله الى دور ايجابي.

 

والولايات المتحدة الان تريد فرض مزيد من العقوبات على ايران وبالتعاون مع الاتحاد الاوروبي بسبب الصواريخ الباليتسية، كون استعمالها مخالف للقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي. عندما جرى البحث بالصواريخ سابقاً وضرورة ادراجها على البحث في اطار التفاوض حول النووي، رفض الايرانيون ان يتضمن الاتفاق هذه المسألة، على اساس ان الموضوع تعالجه القرارات الدولية، وان لا علاقة له بالنووي. لكن واشنطن ومعها فرنسا تحديداً قلقتان من الصواريخ لانها يمكن ان تحمل رؤوساً نووية. واذا ليس لايران من نية حسب الاتفاق النووي لانشاء القنبلة، فلماذا تحتاج إذاً الى الصواريخ؟