Site icon IMLebanon

واقعية روسيا..

مفارقة لافتة أن يبقى وقف إطلاق النار، أو بالأحرى «وقف الأعمال العدائية» في سوريا، ساري المفعول في الاجمال، برغم الخروقات التي تنفذها بقايا السلطة الأسدية، ومحاولاتها الرخيصة للاستثمار الانتهازي في مناخ التهدئة تحت ستار المصالحات.

وذلك يؤكد أن موسكو هي التي صارت تفك وتربط في محورها السوري. ولم يعد لطهران سوى ترف الاعتراض.. ثم الالتزام والتنفيذ! وضبط «جيش المشاة» المشكّل من شبيحة الأسد والميليشيات المذهبية اللبنانية والعراقية أساساً.

فرض الروس قرارهم الذي أتى نتيجة تفاهم مع الأميركيين، من دون أن يتوقفوا قليلاً أو كثيراً أمام هيجان الثنائي الأسدي الإيراني، وانفتاح شهيته على استثمار النار الروسية في أسرع وقت ممكن وبأكثف طريقة ممكنة.. بحيث يتبين أن حسابات موسكو مطّاطة وتجريبية لكنها لا تخرق سقف استعصاء الحل العسكري. ولا المغامرة بفتح مشكلة اقليمية دولية كبرى تحت حجّة السعي الى حل مشكلة «مصير» السلطة الأسدية أو تأكيد نفوذ ايران في أرض ليست لها. وبين قوم ليسوا قومها. وفي ساحة لم تتمكن من حمايتها! ولا يمكنها، أصلاً ان تدعي فيها وحدانية برغم استثماراتها الهائلة بشرياً ومادياً!

لكن ذلك لا يعني، ان الهدنة الراهنة كانت ممكنة لو وجدت الحسابات الروسية (المطاطة والتجريبية ذاتها) المجال مفتوحاً أمام كسر قوات المعارضة وكل القوى الاقليمية التي تدعمها، مرة واحدة وأخيرة، وعلى الطريقة الشيشانية تماماً بتاتاً.. أو لو لم يتبلور في وجهها، الموقف السعودي التركي باتجاه الاستعداد الفعلي للتصدي المباشر لمحاولة إتمام نكبة سرقة سوريا من أهلها تحت ستار «الحرب على الارهاب».

لا يمكن بذلك، فصل قرار الهدنة وفرملة الاندفاعة الروسية، عن بروز احتمالات جدية جداً لاشتباك في سوريا، أكبر من سوريا، ويفتح الأبواب أمام معادلات غير منطقية لا تريدها موسكو، كما هو واضح، من نوع استبدال «مصير» الرئيس السابق بشار الأسد بمصالحها الاقليمية والدولية، أو جعل سوريا عنواناً لحروب كبرى، عجزت عن اشعالها قضايا الحرب الباردة، من فيتنام الى كوبا!

جاء الروس لتغطية فشل من سبقهم في كسر إرادة غالبية شعب سوريا. وجربوا أن ينجحوا في تحقيق ما عجز عنه الايرانيون وأتباعهم، لكنهم اصطدموا بدورهم، بالوقائع القائمة والحقائق التي لا تأكلها النيران، و»تلاءموا» معها بما يليق بدولة كبرى تعرف حدود مصالحها ومصالح غيرها في الوقت ذاته!

.. ومن أعانها على تلك الحكمة، في كل حال، كان ولا يزال، قرار مواجهة الكسر الذي اتخذه حلف الضمائر بقيادة السعودية.