ليتصوَّر أيُّ عاقلٍ أنَّ البلد اليوم من دون رياض سلامة وجان قهوجي ونهاد المشنوق، فماذا كان سيحلُّ به؟
لنتصوَّر أنَّ الليرة من دون طمأنة الحاكم، والأرض من دون ضمانة قائد الجيش، والأمن من دون ثقة نهاد المشنوق، فماذا كان سيحلُّ بالناس؟
لا يعني هذا الكلام الإقلال من شأن الآخرين، فالحاكم رياض سلامة هو رأس المؤسسة، ولو لم يعرف كيف يحصِّن هذه المؤسسة وينسج أفضل العلاقات مع المصارف ومع المؤسسات المالية الدولية، لكانت الليرة اللبنانية في مهبِّ التطورات والظروف.
ولا يعني هذا الكلام الإقلال من شأن المؤسسة العسكرية، لكن العماد جان قهوجي عرِف كيف يحضن هذه المؤسسة ويُبقيها بعيدة عن التجاذبات.
أما عن الوزير نهاد المشنوق فحدِّث ولا حرج، أيُّ وزير داخلية مكانه اليوم، كان سيقع في حرجٍ كبير بعد قطوع رومية الذي، لولا عناية ودراية مؤسسة قوى الأمن الداخلي لكان الحريق اللبناني امتدَّ في طول البلد وعرضه.
ولكن ماذا بعد؟
وإلى متى سيبقى البلد قائماً على مثلَّث الإطمئنان إذا صحَّ التعبير؟
من دون غطاء سياسي سيكون هذا المثلَّث عُرضةً لأن يكون هشًّا، والغطاء السياسي أو الدستوري أو الرسمي لا يصحُّ من دون حكومة، والحكومة لا وظيفة لها إذا لم تلتئم في جلساتٍ لمجلس الوزراء، وجلسات مجلس الوزراء لا قيمة لها إذا لم تكن منتجة وتخرج بمقررات، والمقررات لا قيمة لها إذا لم تُلحَق بمراسيم تطبيقية للتنفيذ.
أين نحن من كلِّ ذلك؟
أفراد يعملون ولكن بمبادرات شخصية، ولكن إلى متى؟
إلى متى سيبقى العماد جان قهوجي آخذاً استقرار الأرض على عاتقه؟
إلى متى سيبقى الوزير نهاد المشنوق آخذاً التحديات الأمنية على عاتقه؟
هل اقتنع رئيس الحكومة بأنه، من موقعه كرئيس للحكومة يُفتَرض فيه أن يُشكِّل الغطاء؟
ربما اقتنع، وربما هناك بشائر إلى ذلك من خلال ما أدلى به بعد عودته من إجازة قصيرة في الخارج، حيث كشف أنه سيكون هناك اجتماع لمجلس الوزراء، ولست أنا الذي سيوقف هذا البلد عن التقدم، ولست أنا الذي يتخلى عن مسؤولياته في هذه الظروف الصعبة، بل سأستمر وسأصارع وسأتعاون مع الجميع وسيكون هناك مجلس وزراء ومواقف لمجلس الوزراء.
لم يقف الرئيس سلام عند هذا الحد بل أطلق إشارة في إتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، من خلال الحثّ على فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، فتكون المقايضة بتغطية انعقاد مجلس الوزراء في مقابل فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، فهل تنجح هذه المقايضة؟
كلُّ الإحتمالات واردة، خصوصاً أنَّ النقاش بين السراي وعين التينة بلغ مرحلةً متقدمة.
في مطلق الأحوال فإنَّ تحريك الملفات يبدو ضرورياً، خصوصاً مع انطلاق فصل الصيف وموسم السياحة والإصطياف الذي يبدو أنَّه واعدٌ بجهود الوزير ميشال فرعون، على رغم كل محاولات العرقلة.