طمأننا وزراء ونواب التيار الوطني الى ان جلسة مجلس الوزراء غدا لن تكون طبيعية، كونها مطالبة بأن تبحث في آلية انعقادها مع ما يعنيه ذلك من تهديد مبطن لاسيما عندما يقول رئيس التيار العماد المتقاعد ميشال عون «ان الغاية مما يقصد التصعيد، هو التلويح بان الشارع جاهز لان يتحرك مجددا وعندما تدعو الحاجة، خصوصا ان مجالات الاعتراض على مجريات الجلسة ستكون مؤمنة بدليل اللعب على اعصاب من لا يريد مسايرة التيار في نظرته الى الامور السياسية الطارئة؟!
قد يكون التيار في غير وارد اسقاط الحكومة، لكنه لن يتقاعس عن هز اعصاب الدولة، ليس لان غايته بقاء الوضع العام على شيء من الغليان، بل لوجود نية راسخة بأن ثمة استحالة امام حصول التيار على ما يرغب فيه، لجهة الرغبة في استمرار التوتر قائما بدليل عدم تمرير الجلسة من غير حاجة الى هز بدن اي طرف، طالما ان اعصاب الجميع مهزوزة ولا تتطلب سوى كلمة نافرة من هنا او هناك، لينقلب الهدوء الى «شوشرة» القصد منها تغيير العمل في آلية الجلسة بداية ونهاية؟!
يقول وزير مستقل ان العمل بموجب هكذا وجهة نظر لا بد وان يحافظ على شد الاعصاب، لان الطرف الاخر لا يريد ولا يرغب في ان تبقى الامور مسيسة على مقاس اغلبية مصطنعة، لان استمرار الحال على ما هي عليه لن ينعكس هدوءا بقدر ما سينعكس تحديا متبادلا يمكن ان تظهر بوادره من خلال كلمة من تلك التي حصلت بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، حيث يبدو ان الاخير لن يغير منهجيته «لاثبات وجود التيار قبل الاخرين ممن يهمهم ان لا تبقى الامور في سيرها الطبيعي!
ما هو المقصود بآلية عمل جلسة مجلس الوزراء؟ السؤال مطروح على التيار الوطني الذي يرغب في ان لا يكون مجرد كمالة عدد، فيما يرى الوزراء الاخرون ان هناك استحالة امام الانجرار وراء ما يتطلع اليه التيار لعدة اعتبارات في مقدمها انها «حكومة تصريف اعمال وليست حكومة امر واقع» وكي لا يقال عنها ان الوقت يتحكم بمجريات الحكم مهما اختلفت وجهات النظر حيال دور الحكومة الموقت في ها الزمن الصعب حيث يستحيل القول اننا في زمن عادي يكفل الانتقال من موضوع الى اخر لمجرد عدم توفر القرار الايجابي بالنسبة الى ما هو مطروح من غير حاجة الى تكريس الانقسام السياسي الذي قد يؤدي الى تعميم الخلاف!
واذا كان لا بد من النزول الى الشارع فأقله الاعتماد على امور مفهومة ومقبولة من الرأي العام كي لا يتكرر المشهد الخلافي الذي لا يشجع على قيام الفريق الاخر بعمل مماثل وعندها سيجد الجميع انفسهم منساقين وراء «تصرفات رد الاعتبار» واستفزازية في وقت واحد. لذا فان التلويح بالشارع لا بد وان تكون له ردود فعل من شأنها اعادة خلط اوراق الحكومة، كي لا نقول تقديم رئيس الحكومة تمام سلام استقالته وعندها لن تكون حكومة ولا مجلس نيابيا ولا رئاسة جمهورية اي ان الدولة لن تبقى دولة من دون حاجة الى التوقف عند من يقبل او من يرفض!
ولجهة فتح الدورة النيابية الاستثنائية هناك من يجزم بان القصد منها شغل منصب رئيس الجمهورية بالوكالة الى حين الاقتناع بان لا مجال لانتخاب رئيس جمهورية مهما قيل عكس ذلك، ان لجهة ما تحقق في الاتفاق النووي او لجهة ما ليس منه بد، وكي لا يقال لاحقا ان الدولة فقدت شرعيتها نظرا لانهيار المؤسسات وتقبل المسؤولين ذلك لعدم قدرتهم على انتخاب رئيس للجمهورية ولعدم قدرة مجلس النواب على التشريع ولعدم قدرة الحكومة على اثبات وجودها!
رب قائل ان العماد عون قادر على «فرط الحكومة من الداخل» لكن ذلك سينهي دوره السياسي – التقليدي من غير حاجة الى ان يبشرنا احد بان الدولة لن تعود دولة، وهذا لا بد وان ينعكس على مشروع رئاسة الحكومة الذي يتحول تباعا الى فراغ مستتبع في كل شيء ان لجهة الرئاسة الاولى فقط، او لجهة مجلس النواب الذي فقد من ثقله السياسي بعدما انساق طويلا وراء اقفال ابوابه امام التشريع، وهذا من ضمن ما يعانيه البلد طالما بقي الرئيس نبيه بري متمسكا بانتخاب الرئيس باكثرية الثلثين زائدا واحدا (…) بعكس ما ينص عليه دستور الطائف الذي لحظ انتخاب الرئيس بأغلبية النصف زائدا واحدا!
ومن الان الى ان يحين موعد جلسة مجلس الوزراء غدا الخميس ستبقى الاعصاب مشدودة الى ما سيثير وزراء التيار الوطني الذين فاجأونا بالتلويح باستخدام الشارع تكرارا، في حال لم يحققوا الغاية من وراء ما يهدفون اليه بالنسبة الى آلية عمل مجلس الوزراء، حتى ولو اقتضت الحاجة التصويت على منهجية عمل الحكومة شاء من شاء وابى من ابى؟!