Site icon IMLebanon

ثوّار في الجرود!

 

 

في 14 آب من العام 2015، شهدت عرسال عملية داعشية اغتيل فيها أحد قياديي “الجيش الحر” وهو عقيد ركن منشق عن جيش النظام السوري ويدعى عبدالله حسين الرفاعي، الملقب بـ”ابو حسين”، كان قائد الفرقة 11 وتجمع القلمون الغربي، ارتبط اسمه بأحداث عدة، وتحديداً بأسير “حزب الله” عماد لبنان عياد الذي أعيد الافراج عنه بعد أسابيع من أسره في نهاية العام 2014 من موقع يدعى “الفوزديكا” في عسال الورد السورية، مقابل أسيرين كانا لدى “الحزب”.

 

ربما الرفاعي دليل واضح على أن المقاتلين الذين وصلوا إلى الجرود اللبنانية ليسوا “إرهابيين”، بل جرى دفع الجزء الأكبر منهم إلى الإرهاب. ولن يختلف اثنان على أن تنظيمي “النصرة” (جبهة تحرير الشام حالياً) و”داعش” تنظيمان إرهابيان، علماً أن التعاطي الدولي مع “داعش” لم يكن نفسه مع “النصرة”.

 

ولا بد من العودة إلى بداية القصة، التي غاب عنها الأمين العام لـ”حزب الله” في خطابه الأخير، واعتبر أن كل من في الجرود كانوا “إرهابيين وليسوا ثواراً”.

 

الرفاعي الذي تم توقيفه في أواخر العام 2014 خلال عودته من عرسال إلى الجرود، أفرج عنه القضاء اللبناني بعد المحاكمة وبعدما تبين للقضاء أن لا علاقة للرجل ولتجمعه بالاعتداءات على الجيش، ولم يدخل أي عنصر من “الجيش الحر” إلى عرسال في الغزوة الشهيرة، ولا يحمل أي أهداف للبنان، ويقتصر بنك أهدافه الفكرية على “النظام السوري”.

 

القصة بدأت مع دخول “الحزب” القرى السورية، وتهجير السوريين من قراهم كالقصير ويبرود وجيرود، عسال الورد، وفليطا وقرى القلمون والزبداني ومضايا، والأخيرتان شهدتا حصاراً تجويعياً وصل إلى حد أكل القطط والعشب.

 

انتقل السوريون من قراهم إلى أخرى فجرودهم السورية، وبعد اغلاق كل المنافذ وصلوا إلى الجرود اللبنانية. دخل الشيوخ والأطفال والنساء إلى منطقة وادي حميد وبقي الرجال في الجرود المتداخلة سورياً ولبنانياً. لم يكن هناك أي داعشي والغالبية من “الجيش الحر”، وعدد قليل من “النصرة”. ولأن لا إمدادات ولا غذاء، لم يستطع “الجيش الحر” أن يؤمن الاحتياجات، فبدأت “النصرة” تتوسع وتجذب العناصر إليها، ليكتمل بعدها المشهد في العام 2014 بظهور “داعش”، وبصمات التنظيم الأولى كانت مع مبايعة من “لواء فجر الاسلام” ودخول عرسال وخطف الجنود اللبنانيين.

 

وحتى العام 2015، كان عديد “الجيش الحرّ” في الجرود نحو 800 مقاتل، ينتشرون بين عسال الورد وفليطا، ويتبعون المجالس العسكرية ويعملون تحت إشراف غرفة عمليات الجبهة الجنوبية التي تضمّ درعا والسويداء والقنيطرة ودمشق وريفها، المعروفة بـ”الموك” والمدعومة من أميركا وبعض الدول العربية. ورغم ذلك، انقضت “داعش” على هذه الفصائل وحاربتها واغتالت الرفاعي، وطوال فترة وجود هذا التنظيم في جرود القاع، لم يتلق ضربة واحدة من “حزب الله”، حتى العام 2017، وأتت عملية فجر الجرود التي شهدت على تسوية أبرمها “الحزب” مع “داعش” وعرفت بـ”الباصات المكيفة” في وقت كان الجيش اللبناني قادراً على حسم المعركة بالقضاء على كل العناصر وسجنهم، كما انتقلت “النصرة” بعد معركة حقيقية إلى ادلب.