خلال الأسابيع الماضية، لا سيما بعد الانتخابات البلدية، شكك كثيرون بامكانية استمرار تيار «المستقبل»، الى أن وضع الرئيس سعد الحريري النقاط على الحروف ورد خلال خطاباته الرمضانية على معظم الأسئلة التي دارت في أذهان المحبين والحلفاء والخصوم، وهو بدا كمن يعلن ولادة جديدة للتيار الأزرق.
واذا أردنا أن نستخلص بعض الاشارات من رسائل الحريري، يمكننا أن نستشف أنه في الخطاب الأول هدف الى وضع حد للتأويلات حول العلاقة مع المملكة العربية السعودية، مؤكداً انها أكثر من ممتازة، وهو أول كلام علني يقوله بعد مقابلة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وما رافقها من ردة فعل سعودية سلبية.
أما الخطاب الثاني الذي ألقاه الحريري في حضور السفراء العرب وعلى رأسهم سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري، فجاء بمثابة تثبيت لركيزة أساسية، عنوانها أن التيار في صلب الفلك العربي ولا مهادنة مع المحور الايراني بما فيه نظام الأسد و«حزب الله».
ويبقى الخطاب الثالث، الذي وصف بالمفصلي فيما ذهب البعض أبعد من ذلك الى وصفه بالتاريخي، وهو لا شك كان عبارة عن جردة حساب سياسية للمرحلة الماضية، بالاضافة الى سعيه لوضع الرأي العام اللبناني ومؤيدي الحريرية السياسية على وجه الخصوص، بظروف ما حدث منذ تولي الابن الزعامة بعد استشهاد الأب.
وجاء هذا الخطاب، ليؤكد أن خيار التراجع لدى الرئيس الحريري والاستقالة من المسؤولية السياسية والوطنية غير وارد، كما ليعلن ورقة نوايا للمحاسبة وهو ما يرغب به كل غيور من جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وانطلاقا من الكلمات الثلاث، تبقى الأنظار شاخصة الى كيفية تعاطي الرئيس الحريري مع الملف الطرابلسي وهو شدد أكثر من مرة على انه سوف يزور عاصمة الشمال «قريبا قريبا قريبا» وذلك في معرض رده على أسئلة متتبعيه على موقع «تويتر».
وهنا لا بد من الاشارة الى أن الحريري يولي الفيحاء اهتماما خاصا، ويرى بعض محبيه أنه يجب تخصيص جردة حساب للتصرفات في المدينة لاستخلاص العبر وللمضي في محاسبة المقصرين من المسؤولين في تيار «المستقبل».
ومن سلة الاقتراحات، اقتراح للسير على خطين متوازيين، الخط الأول: هو فتح باب النقاش مع الفئات الشابة في طرابلس خصوصا تلك التي «عاقبت» بعض مسؤولي التيار في المدينة في صناديق الاقتراع، لمعرفة ما هي مطالبها وما الذي تريد أن توصله هذه الفئة وللوقوف على آرائها والأخذ بما يفيد الوطن وعاصمته الثانية.
وبالتوازي، الوقوف على آراء أهالي الأحياء الشعبية والتعاطي معهم بروحية جديدة وبشكل مباشر لا بالواسطة، وذلك للنهوض بتلك الأحياء.
أما الخط الثاني، فهو العمل بشكل سريع مع الحكومة والجهات المعنية لاستكمال المشاريع التي بدأت والبدء بمشاريع انمائية جديدة تساهم في ايجاد فرص عمل.
.. كل ذلك يجب أن يظهر قبل الانتخابات النيابية المقبلة وإلا سيف المحاسبة سوف يسلط مجددا.