مع خروج ما تبقى من إرهابيي «داعش» من جرود القاع ورأس بعلبك تنتهي معركة «فجر الجرود» التي خاضها الجيش اللبناني بحرفية عالية مشهود لها، وتبدأ مرحلة جديدة، هي مرحلة انتشار الجيش على كامل الحدود اللبنانية – السورية، وتطوى بذلك صفحة الأخذ والرد اللذين استمرا مُـدّة طويلة حول ترسيم الحدود مع سوريا، وانتشار الجيش على الحدود اللبنانية، ليس لمنع تسلل المخربين والتكفيريين إلى الداخل، بل لإنهاء هذه الاشكالية المزمنة بين لبنان وسوريا.
ومع هذا الواقع الجديد الذي كرسه انتصار الجيش الباهر على داعش ومن لف لفها بدأت ترتفع في الداخل اللبناني، أصوات هدفها الأساسي تعكير هذا الانتصار الذي حققه الجيش، بجعل التنسيق بينه وبين جيش النظام السوري، كان أمراً واقعاً خلال معركة تطهير الجرود التي خاضها الجيش خلال الأسبوع المنصرم أو ما اتفق على تسميته بأسبوع الحسم، ومنها على وجه التحديد قضية التنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري التي استولدت هذا الانتصار الساحق على حد تعبير أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله والذي يقتضي حسب تعبيره أيضاً توسيع معادلة الجيش والشعب والمقاومة بحيث يضاف إليها والجيش السوري.
والهدف المعلن والمبطن من إضافة الجيش السوري إلى تلك المعادلة التي يعتبرها حزب الله ذهبية هو التشكيك أولاً بكل البيانات التي صدرت قبل وأثناء معركة الجرود عن مديرية التوجيه في الجيش بعدم وجود أي تنسيق مع الجيش السوري في هذه المعركة وجرّ الحكومة اللبنانية ثانياً للاعتراف بهذا الواقع الجديد والتأسيس عليه لدخولها في مفاوضات مباشرة مع النظام بشأن عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى سوريا عبر مفاوضات مباشرة بين الحكومتين تماماً كما حصل بالنسبة إلى خروج 600 إرهابي داعشي من جرود البقاع الشمالي الى منطقة دير الزور في الداخل السوري.
السيّد حسن نصر الله طرح هذه الإشكالية فور صدور بيان قيادة الجيش عن إنهاء العمليات العسكرية في الجرود وانتشار الجيش على كامل التراب اللبناني حتى الحدود مع سوريا وأنهى بذلك إشكالية مزمنة تتعلق بالحدود استدعت مطالبة قوى لبنانية متعددة الاتجاهات بانتشار قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) على طول الحدود مع سوريا، لوضع حدّ لأطماع النظام من جهة وضبط الحدود من جهة ثانية، وتدل كل المؤشرات على ان مثل هذا الطرح الجديد من قبل حزب الله من شأنه أن يفجر أزمة داخلية بدأت معالمها بالظهور من خلال ردود الفعل عليها والتي كان أبرزها ردّ تيّار المستقبل ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
إذا كان الجيش حقق انتصاراً باهراً على داعش ومن لف لفها وتمركز على طول الحدود مع سوريا، فإن فريق حزب الله ماضٍ في تصعيد مواقفه حتى الوصول إلى إلزام الحكومة اللبنانية بالتفاوض المباشر مع النظام السوري لتعويمه بعد ما أصبح في حال عزل، بل في حالة حجر دولية، فهل ينجح الحزب؟!