الهجوم الإرهابي على مجلة »شارلي ايبدو» له تداعياته الكبيرة التي من دون أدنى شك، لن تكون في مصلحة الفكر التكفيري… ليس فقط على صعيد فرنسي داخلي وحسب، إنما أيضاً على صعيد عالمي.
فرنسياً لقد أعطى الهجوم ورقة إضافية الى اليمين المتطرف ستفيد منه «الجبهة الوطنية» بزعامة ماريان لوبان التي تتوجه نحو إنتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة بخطى ثابتة، خصوصاً وانها حظيت بأكثرية قياساً الى سائر المرشحين في الإنتخابات الماضية إلاّ أن «تحالف الأضداد» حال دون وصولها في النتيجة.
وعلى الصعيد الفرنسي أيضاً لا شك في أنّ المشاعر المستنفرة ضد «المهاجرين» (العرب… خصوصاً من شمال أفريقيا، بمن فيهم حاملو الجنسية الفرنسية أباً عن جد) تلك المشاعر السلبية ستتضاعف وتزيد من العدائية ضدّ هذا الفريق… علماً أن المسلمين في فرنسا يبلغ عددهم نحو خمسة ملايين ما يجعل الإسلام الديانة الثانية بعد المسيحية حتى وإن كان الفارق كبيراً في العدد بين أتباع الديانتين.
على الصعيد العالمي ظهرت إثر الهجوم على المجلة الساخرة يوم الأربعاء الماضي موجة عدائية للفاعلين مع إنطلاقة خاطئة عندما يساوي العالم بين الإرهابيين والمسلمين. وكم كان مصيباً موقف الأزهر والمملكة السعودية ومراجع إسلامية عديدة عندما بادرت الى إدانة «العملية الإرهابية» مندّدة بالفاعلين وبالفكر التكفيري الذي يقف وراءهم.
إلاّ أنّ من يتابع التطورات عن قرب وما يدور في كواليس المواقف والتصريحات والبيانات يكتشف كم أن هناك مساعي وتصميماً لينعكس هذا الحراك على التطورات الحالية في منطقتنا إنطلاقاً من الآتي:
1- تسريع نمط العمليات ضدّ داعش. وفي هذا السياق تبدّل عنوان التدريبات العسكرية الأميركية لعناصر المعارضة السورية من «التدريب على مواجهة قوات النظام» الى «التدريب على مواجهة داعش والمنظمات المتطرفة».
2 – إتجاه الى تجاوز الخلافات التي لا تزال متحكمة بمسار المفاوضات بين الجانبين الإيراني والأميركي. والرسائل المتبادلة بين الطرفين في هذه الآونة تكشف عن دعم أميركي واضح للرئيس الإيراني روحاني الذي قرر، كما يبدو، أن يخوض المواجهة مع المتشددين… وبالتالي يتجه الى تسريع الإتفاق مع مجموعة الـ 5+1 وعملياً مع الولايات المتحدة الأميركية.
3 – يتعاظم الحديث عن عودة سفارات غربية الى دمشق خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. وقد قطعت المفاوضات السورية – الإيطالية والسورية – الإسبانية شوطاً بعيداً نحو عودة سفارتي هذين البلدين الأوربيين الغربيين الى العاصمة السورية.
4 – الأبعد من ذلك تنقل التقارير الصحافية الغربية ما تسميه «معلومات» عن مفاوضات غربية مع القيادة السورية تتجاوز الجانب المخابراتي القائم حالياً بهدف التنسيق لتطويق ما يمكن أن ينفذه التكفيريون في داخل العالم الغربي (أميركا وأوروبا) في حال عودتهم المباشرة من حقول المعارك في سوريا والعراق الى بلدانهم، أو في حال تواصلهم مع خلاياهم هناك.
وفي تلك التقارير أن الهجوم على «شارلي ايبدو» رفع من نسبة المخاوف في الغرب الى درجة قصوى! وإن المهم بالنسبة الى الحكومات هناك لم يعد ما هو مصير المعركة في سوريا، بل «كيف يمكن أن نحمي مواطنينا» كما قال أمس الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من داخل غرفة عمليات وزارة الداخلية حيث كان يتابع عملية مطاردة الجزائريين اللذين نفذا الهجوم على الصحيفة.