في موضوع الجيش اللبناني سألني رأيي المسؤول المهم نفسه في “إدارة” مهمة داخل الإدارة الأميركية تتابع شؤون لبنان وسوريا وغيرهما، قلتَ: لي رأي في هذا الموضوع يفيد أن “سوسة” المذهبية والطائفية موجودة فيه كونه جزءاً من الشعب اللبناني بل حاضناً لأبنائه. لكنه استطاع حتى الآن تلافي التشظِّي والانقسام. وهذا إنجاز في ذاته. لكن ذلك لا يعني تحميل الجيش فوق طاقته الفعلية مثل تكليفه توجيه ضربة حاسمة ونهائية لـ”الجهاديين” والإرهابيين و”المقاومين” إذا وُجِدوا في الشمال أو الجنوب أو البقاع أو بيروت أو في مناطق أخرى. ذلك أنه في حال كهذه يتعرَّض إلى الامتحان الحقيقي. فإما يصمُد أو لا يصمُد. أما نجاح خططه الأمنية في طرابلس ثم الشمال ولاحقاً في بيروت وأخيراً في الضاحية فإنه تحقَّق لأنها كانت بالتراضي. والأمن لا يتمّ بالتراضي ولا بالتسويات الموقتة سواء تحت الطاولة أو فوقها، علماً أن الحاجة إليها تكون ماسة على رغم سطحيتها. وما يؤذي الجيش أكثر من “سوسة” الانقسام الكامنة فيه هو غياب الدولة الفعلية. فذلك يكشفه ويحمِّله مسؤولية قرارات وخطوات هي سياسية أساساً مهمة للبنان وأمنه على رغم عدم اتفاق السياسيين والمؤسسات الدستورية عليها. دعم الجيش يكون بوجود الدولة الواحدة وفاعلية مؤسساتها وبتوفير التدريب والأسلحة له. ودعم الجيش لا يكون بتحريضه على القيام بخطوات تجعل منه الدولة. علماً أن ذلك لا أمل له في النجاح. أما في موضوع أخطار “النصرة” و”داعش” على لبنان فدعني أشير إلى عبور مقاتلي “النصرة” من القنيطرة السورية إلى بلدة شبعا اللبنانية الذي يشكِّل خطراً كبيراً بسبب احتمال إطلاقه الحرب المذهبية في لبنان.
علَّق: “إنه خطر جدي، لكن خطورته أقل من الأخطار الأخرى، علماً أن التحسُّب له والتنبُّه واجب. على الحدود اللبنانية والسورية هناك إسرائيل. عندما ردَّ (السيد) نصرالله على ضرب الأخيرة جماعته ورفاقه في الجولان اكتفى بضرب إسرائيل من مزارع شبعا وكأنه كان يحذِّر من عدم التمادي لتفادي المواجهة الكبيرة. وربما فهمت إسرائيل الرسالة. على كل بدا نصرالله في خطابه، وأنا أطّلع على خطاباته، دفاعياً وتبريرياً. لكنه لم يقدِّم أي شيء. قال بداية إنه ذهب للقتال في سوريا دفاعاً عن مقام السيدة زينب، ثم عن بلدة القصير، ثم عن لبنان كله. أما الرئيس سعد الحريري فقال في خطابه: لا تورطونا في مشكلات كبيرة أخرى. نريد الحلول وليس التورُّط. فكان جواب نصرالله في خطابه الإيحاء بإسرائيلية ما عند تيار “المستقبل”. هذا أمر غير جيِّد. سيُعقد قريباً مؤتمر للاجئين السوريين والمانحين. كنت أتمنى أن يمثِّل لبنان رئيس جمهورية في مؤتمرات كهذه، وأن يتحدث بقوة ويطلب مساعدات بل ويفرض مساعدات. لكن لبنان من دون رئيس، لأن هناك جهات لا تريد حسم هذا الموضوع لأسباب عدة قد يكون منها عدم استعجالها ذلك، ولأن هناك عناداً مؤذياً عند بعض القيادات اللبنانية أوصل إلى الفراغ الرئاسي الذي تعيشونه. وذلك كله جعل لبنان عاجزاً عن القيام بالإجراءات اللازمة لاستخراج النفط والغاز في البلاد، أو لاستكشاف إمكانات وجودهما. وإذا ثبُت يبدأ العمل الجدي لذلك. وهذا الأمر يلزمه وقت طويل. عليكم أن تتفقوا كلبنانيين، ولا تطلبوا من أميركا وقوى غيرها دولية – إقليمية أن تعطيكم اسم رئيسكم المقبل لكي يصوِّت له النواب في مجلسهم الكريم. على كل فرنسوا جيرو الموفد الفرنسي زار لبنان وعواصم إقليمية عدة منها طهران، لكن يبدو أنه لم يحصل على شيء “إيجابي” من إيران. وأنت تعرف ذلك. لهذا السبب أقول لك إن الحل في لبنان”.
علّقتُ: فرنسوا جيرو هو المسؤول عن فشله. فمبادرته كما عدد لا بأس به من مبادرات دولية “دونكيشوتية”، وأعتذر لاستعمالي هذا الوصف، لأنها لا تمتلك إمكانات “إقناع” المعنيين بها أو فرضها عليهم. هي تقوم بها لتظهر أنها موجودة دولياً وإقليمياً وذات دور فاعل. ذهب جيرو إلى إيران وهو يعرف أنها ستقول له “إن الانتخابات الرئاسية في لبنان شأن لبناني”. وهذا ما سمعه منها. كان يُفترض فيه أو في حكومته أن تعرف ذلك.
على كل حال دعني أسألك عن الأردن وأوضاعه”. أجاب: “لا شك في أن الأردن بلاد قابلة للعطب أو معرَّضة للانعطاب (Fragile). عنده لاجئون، وليس عنده دستور وإمكانات مالية ونظام مصرفي “يحمل” أو قادر على أن يحمل الأعباء التي يحملها النظام المصرفي اللبناني”. ماذا قال أيضاً عن الأردن؟