IMLebanon

«طبخة» الحلول.. لم تنضج بعد

لم يطرأ أي جديد بالنسبة إلى تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية. الأجواء الدولية والاقليمية لا تزال معقّدة وصعبة ما ينعكس سلباً على الاستحقاق اللبناني.

وتفيد مصادر ديبلوماسية أنّ عوامل عدة تصبّ في هذا السياق، وهي:

– الخلاف الجوهري في التفاوض الغربي الإيراني حول إنهاء برنامج إيران النووي، بحيث إنّه لا يتوقع أن يأتي استحقاق 24 تشرين الثاني، أي بعد نحو شهر من الآن، باتفاق نهائي بين الطرفين يؤسّس لمرحلة جديدة من العلاقة بين الولايات المتحدة والغرب من جهة، وإيران من جهة ثانية، فضلاً عن أنّ حصوله كان مهمّاً في التأسيس لمرحلة جديدة في التعامل بين الطرفَين بالنسبة إلى حل ملفات المنطقة العالقة. ولعل هذا الاستحقاق الخارجي، كان يعوّل عليه بعد عدم تمكّن الداخل اللبناني وحده من التفاهم حول الاستحقاق. وكان التعويل عليه، بعدما لم ينجح التعويل على التلاقي في المواقف الغربية الإيرانية إلى حد ما حول العراق أخيراً، وحول اليمن بشكل من الأشكال. وبالتالي لم يتأكد ويتثبّت هذا التلاقي وما إذا كان فعلاً يشمل كل الملفات بما فيها اللبناني.

– العلاقات الأميركية الروسية علاقات متأزّمة على خلفية ملفات المنطقة لا سيما السوري، والاوكراني، وطريقة مكافحة الإرهاب ومحاربة «داعش». هذه الملفات أدّت إلى تشنّج كبير بين الغرب وروسيا وتداعياتها لم تنتهِ نظراً إلى العقوبات والضغوط والعقوبات والضغوط المضادّة. ولم يكن اللقاء الأخير بين وزيرَي خارجية كل من الولايات المتحدة وروسيا، في باريس قادراً على التفاهم على الملفات المطروحة. وروسيا كانت أوّل مَن حذّر من الإرهاب، إلى أن تنبّهت واشنطن متأخرة. إنّما روسيا لن تغيّر موقفها للدخول في التحالف الدولي ضدّ الإرهاب، لأنّها غير موافقة على طريقة إنجاز ذلك لا سيما قرار الغرب الذي لا رجوع عنه بعدم دعوة النظام السوري وإيران للانضمام إلى التحالف، واتساع مواضيع الأزمات الدولية والاقليمية زاد في تعقيد مسألة التوافق على حلها. ما يعني أنّ وقت التسويات لم يحن بعد، وطبخة الحلول لم تنضج. مع الإشارة إلى أنّه عادة بين الدول الكبرى الحل لا يأتي من أجل ملف واحد، إنّما يتناول مجموعة تفاهمات على حلول لأزمات عدّة.

– في الآونة الأخيرة، برز نزاع روسي إيراني حول ملف أسعار البترول، واتهمت إيران روسيا بأنّها تعرقل التوصّل إلى اتفاق مع الغرب حول النووي مع أنّ موسكو تقول إنّ التقدم الذي «أحرز» حتى الآن، ناتج عن الدعم الروسي. هناك مجموعة مصالح بين روسيا وإيران يلتقيان حولها، في مقدّمها الملف السوري، لكنهما يختلفان في مواقع أخرى. ففي مسألة البترول، عمدت إيران إلى خفض أسعار النفط إلى آسيا، ما أدّى إلى تضرّر الاقتصاد الروسي، المبني بنسبة 75 في المئة على الغاز والبترول. وبالتالي، فإنّ موازنة روسيا للعام 2014 قامت على أساس 92 دولاراً للبرميل، أما الآن فبات سعره ما بين 84 و85 دولاراً. ما أدى إلى ضغوط على روسيا نتيجة مساهمة ذلك في نسبة عالية من العجز في الموازنة.

– طالما أنّ التفاوض الغربي الإيراني بات يعد فاشلاً، فإنّه لا بوادر اتفاق مع إيران لتسهيل الحلول الأخرى في المنطقة، كما يُستبعد حصول تقدّم في الانفتاح السعودي الإيراني. لذلك يبقى الملف اللبناني معقداً، إلاّ إذا اخترق ذلك تفاهمات دولية اقليمية على تمرير ملفات معينة بحدود معقولة ريثما يتم الاتفاق على الحلول الكبرى. ما يعني أنّه يبقى هناك أمل ما بحل موقت في هذا الاطار. وإذا حصل ذلك يعني ان الوضع اللبناني غير مرتبط بالوضع السوري.

والصعوبة الكبرى، إذا وجد لبنان نفسه مربوطاً بالأزمة السورية، لا سيما بعد تدخّل مباشر لفريق فيه بتطورات هذه الأزمة. إن تسوية منفصلة للبنان تبدو بالغة التعقيد. ومن المستبعد أن يحقق الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا خرقاً في طريق الحل. بسبب كل هذه الظروف المحيطة بأوضاع المنطقة والتشنّج الدولي، إلاّ انّ دي ميستورا يحاول تحريك الحل في خضم أزمات متراكمة في المنطقة. إنّما الأزمة السورية باتت الثالثة في الأولويات الدولية بعد الإرهاب كأزمة أولى، ثم أوكرانيا. إنه يقوم بدور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بمحاولة إحلال السلام وتخفيف الحروب والتوتّر. لكن الحل غير مرتبط بتحركه فقط بل بالتوافق السوري السوري، والتوافق الدولي الاقليمي حول الحل.

التفاهم العربي الاقليمي حول لبنان يحتاج إلى أمرين. الأوّل، تقوية عملية بناء الثقة وتعزيزها بين هذين الطرفين، من أجل إرساء حلول تظهر في البداية في كل من العراق واليمن. والثاني، تدعيم عملية بناء الثقة، الأمر الذي قد يطول، ما يؤخّر تأثيره الإيجابي على ملف الرئاسة اللبنانية. وإذا بقي لبنان مربوطاً بالأزمة السورية تبدو المشكلة أكبر.