IMLebanon

«المعاملة بالمثل».. تكبّل إسرائيل

قالها «السيّد» ومشى.. «من الآن فصاعداً، أي كادر من كوادر حزب الله المقاومين، أي شاب من شباب الحزب يُقتل غيلة، سنحمّل المسؤولية للإسرائيلي، وسنعتبر أن من حقنا أن نرد في أي مكان وأي زمان وبالطريقة التي نراها مناسبة. والحرب سجال، يوم لكم من عدوكم، ويوم لعدوكم منكم».

سريعا وصلت الرسالة الى قــادة العدو، الذين تحلقوا يوم الجمعة الماضي حــول الشاشـات، ينصـــتون جيــــداً لكل كلمة يتلفظ بها. كسر «السيّد» قواعد الاشتباك، بعد أن سمعوه يعلن توحيد الساحات والميادين.

وحده العدو يفهم ما قصــده نصــرالله. بعد معادلة الردع الخاصة بالمدنيين اللبنانيين، أضاف نصــرالله قاعــدة جديــدة تمنح كل قائد وعنصر في المقـــاومة حــماية من أي عمــلية اغتيال قد يلــجأ اليهـــا العدو الذي أضحى مكبلاً. أي عملية من هذا النوع ستســـتوجب رداً من قبل المقـــاومة. لم يحـــدد قائدهــــا ماهـــيته ونوعيته، متعمّداً إرباك الفكر الأمني الإسرائيلي الذي بات عليه، من الآن وصاعداً، التفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي مغامرة من هذا النوع.

الترجمة التكتيكية لهذه القاعدة، وفقاً للعقل العسكري الاسرائيلي الذي يفهم جيداً عقلــية قــادة المــقاومة، تعــــني أنه «لم يعد حزب الله يحتاج الى البحث عن هدف إسرائيلي للقيام بالرد على أي عملية اغتيال تستهدف أحد كوادره وعناصره داخل الأراضي اللبنانية، إذ إن الرد صار بمتناول الحزب».

الخاصرة الرخوة للعدو هي الحدود اللبنانية، والحضور العسكري عليها يتعلق بالأمن القومي للكيان. وعليه، فإن نصرالله، وفقا للتفكير الاسرائيلي، يكون قد وضع الاحتلال في مأزق خطير يصبح معه كل جندي أو ضابط على طول الحدود هدفا مشروعا للرد، انطلاقا من حق المعاملة بالمثل. فالقانون الدولي ينص صراحة على أنه «حق معترف به للدولة التي وقع عليها الاعتداء أن ترد عليه باعتداء مماثل بهدف إجبار الدولة المعتدية على احترام القانون وعلى تعويض الضرر المترتب على مخالفته».

يدرك العدو جيداً قدرة المقاومة على استهـــداف أي من جنوده وآليــاته على الحدود، سواء بواسطة الصواريخ الموجهة كما حصل في شبعا، أو من خلال بنادق القناصة.

لم تسقط المقاومة من حساباتها إضفاء المشروعية على عملها، انطلاقا من أن معظم الاغتيالات التي استهدفت قادة المقاومة وقعت داخل الأراضي اللبنانية. وهذا يعني أن اسرائيل انتهكت، بهذا العمل، سيادة الدولة اللبنانية وحرمة أراضيها. وبما أن البيان الوزاري للحكومة قد نص على حق المقاومة بالرد على أي عدوان إسرائيلي، فإن الرد على اغتيال أي عنصر أو كادر من المقاومة، يصبح مشروعاً ايضا، انطلاقا من قاعدة المعاملة بالمثل. فهؤلاء العناصر والكوادر مواطنون لبنانيون ومن الواجب حمايتهم أسوة بما يفعل الاسرائيلي تجاه مواطنيه وجنوده.

الشواهد التاريخية أثبتت، طوال فترة الصراع مع العدو الاسرائيلي، التزام المقاومة بالقواعد الدولية، لا سيما المتعلقة بالحروب واحترام قوانينها وأعرافها، والشاهد الأقرب هو عملية شبعا الأخيرة التي جاءت ردا على استهداف موكب قيادي لـ «حزب الله» في القنيطرة. فقد تطابق هذا الرد ونتائجه مع قاعدة المعاملة بالمثل التي تشير إلى أنه «يتعين أن يتوافر التناسب بين فعل الاعتداء والرد عليه، وفيه تؤخذ بعين الاعتبار كل الظروف الموضوعية المحيطة بالأفعال المرتكبة. كما أن التناسب يجب أن يتسم بالواقعية والموضوعية، بحيث يتعين عدم تجاوز المقدار الذي يحقق الهدف وذلك بردع المعتدي وإزالة الأضرار التي تكون قد ترتبت على أفعاله غير المشروعة».