IMLebanon

التهوّر

لا يوحي أي معطى بأي تبدّل قد يطرأ في الثامن والعشرين من الجاري، موعد الجلسة الخامسة والأربعين لانتخاب رئيس للجمهورية على خريطة الاصطفافات الرئاسية الحالية، ذلك أن التعقيدات الداخلية والإقليمية لا تزال على حالها، فالتقارب الإيراني – السعودي في شبه المستحيل لا سيّما بعد الحملة التي شنّها من على منبر الأمم المتحدة وزير خارجية إيران محمّد جواد ظريف على المملكة، أما التقارب الداخلي فحدّث ولا حرج ولا سيّما بعد التصعيد العوني بالنزول إلى الشارع بعد 28 الجاري واعتباره هذا التاريخ مفصلياً بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي والميثاقية التي ربطها به، والردّ العنيف على وزير خارجية إيران الذي جاء من زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري وقوله أنها أي إيران دولة تتولى أوسع عملية تخريب للمجتمعات العربية، ما يُؤكّد أن المعركة بين الدولتين مستمرة، ولا أمل في المستقبل المنظور على الأقل في حصول أي حلحلة أو تقارب بينهما من شأنه أن يفتح الباب لإنهاء الأزمة اللبنانية بانتخاب رئيس يُعيد إلى المؤسسات الدستورية انتظامها المتعثّر نتيجة تعثّر إنتخاب الرئيس، وما يُؤكّد على الصعيد الداخلي أن لا انعطافة رئاسية لا من قبل زعيم تيار المستقبل المستمر في دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية ولا انعطافة رئاسية من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي لا يزال متمسكاً بدعم ترشيح عون، ولا انعطافة من قبل حزب الله الذي ما زال متمسكاً بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس ما دام الفريق الآخر لم يقرّ بعد بزعيم تكتل التغيير والإصلاح رئيساً للجمهورية بقوة الأمر الواقع الذي يمسك به من خلال تعطيل جلسات انتخاب الرئيس.

فهل ينفّذ التيار الوطني الحر بعد 28 أيلول وإذا لم يُنتخب مؤسسه رئيساً للجمهورية تهديداته وينزل إلى الشارع، أم أن الكلام التهديدي سيبقى كلاماً ولن يُقدم على هكذا خطوة باهظة الثمن على مرتكزات الأمن الوطني العام الذي ما يزال صامداً وممسوكاً من قبل الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى ولو في حدوده الدنيا، وماذا سيكون موقف حليفه حزب الله من هذا التهوّر إذا حصل، وهل يجاريه في النزول إلى الشارع علماً بأن كل المؤشرات تُشير إلى العكس وأنه حذّر التيار العوني من الإقدام على هكذا خطوة في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به الإقليم والوضع في سوريا المفتوح على كل الاحتمالات رغم صمود الهدنة الأمنية بين النظام والمعارضة في أيامها الأولى.

المرجّح حتى الساعة، أن الحزب ضد استخدام الشارع كإحدى الوسائل الموجبة لحل الأزمة الداخلية، ويفضّل أن تبقى الأمور كلها محصورة داخل مجلس النواب حتى ولو كان الرهان على نجاحه في تجاوز الأزمة الرئاسية ضعيفاً وحتى معدوماً.

أما إذا كان هدف التيار الحر بتهديده استخدام الشارع، التهويل على تيّار المستقبل الذي ما زال يرفض ترئيس مرشّح إيران، لاعتبارات قومية ووطنية، فإن التيار قال كلمته بلسان زعيمه في وجه إيران التي تصعّد من مواقفها العدائية للمملكة العربية السعودية وأصبح بالتالي رهان الحر على إحداث أي تبدّل إيجابي في موقف التيار الأزرق من الاستحقاق الرئاسي ضرباً من الخيال.