Site icon IMLebanon

إعتراف

حماس الرئيس نبيه برّي لإجراء الإنتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية ولو اقتضى اجراؤها على أساس قانون الستين بشرط تعهد القيادات السياسية بنزول جميع النواب إلى ساحة النجمة وانتخاب رئيس للجمهورية ولو اقتضى الأمر اعتماد النصف زائد واحد حتى لا تتعطل المؤسسات الدستورية، يبدو أن هذا الحماس خف بعد الجلسة الحوارية التاسعة عشرة، وربما تراجع عنه أو قرّر سحبه من التداول بعد لمس رئيس المجلس من ردود المتحاورين وبالأصح من أكثريتهم عدم قبولهم بهذه المبادرة البرية لأسباب كثيرة أهمها على وجه الخصوص انها تتناقض مع الدستور اللبناني والأهم من ذلك الخوف من السقوط في شرك الفراغ الشامل بما أن اجراء انتخابات نيابية يعني حتماً حل السلطة التشريعية القائمة حالياً ولو خلافاً للدستور وتجاوزاً للوكالة الشعبية، وأيضاً حل السلطة التنفيذية وتعليقهما في انتظار اجراء العملية الديمقراطية.

والواضح من تراجع  «حماسة» الرئيس برّي انه لم يتمكن من أن يقدم الضمانات الكافية المتعلقة بانتخاب رئيس جمهورية فور الانتهاء من الانتخابات النيابية، وأهمها الحصول على تعهد علني من حزب الله والتيار الوطني الحر بعدم اللجوء إلى مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، والقبول بانتخاب الرئيس بالنصف زائد واحد بصرف النظر عن النتائج التي تفرزها العملية الانتخابية، لكن الرئيس برّي كما تُشير معلومات خاصة لم يقدم مثل هذه الضمانات وبناء عليه خف حماسه للمبادرة التي اطلقها وقرّر سحبها من التداول وخصوصاً ان بعض المعترضين عليها ذهب في هواجسه وشكوكه إلى حدّ اهتمام برّي ضمناً بأن مبادرته تجر البلاد إلى موقع حزب الله الذي يريد تعديل اتفاق الطائف عبر مؤتمر تأسيسي يصبح تشكيله ملزماً في حال الوصول إلى سقوط  السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل استمرار  الفراغ في رئاسة الجمهورية.

المقرّبون من الرئيس برّي من حماس الرئيس برّي في البداية للمبادرة انطلقت من رحم الرغبة الجامحة لديه لخرق جدار التأزم والنفاد عبره إلى إحداث فجوة في الجدار الرئاسي المسدود أو إلى احداث خرق يحرك المياه الراكدة بعد فشل كل المحاولات التي بذلت من معظم الأفرقاء للخروج من المأزق الرئاسي تؤسس الى التسوية – الحل، غير انه اكتشف ان طبخة الحل لم تنضج بعد لا خارجياً ولا إقليمياً ولا حتى محلياً لتؤسس أرضية ثابتة للمبادرة تحولها من طموح إلى واقع، وتغلق هذا الملف الذي بات بقاؤه مفتوحاً يُهدّد الكيان والدولة معاً.

ويلفت هؤلاء إلى أن رئيس المجلس حاول أن يحض مبادرته بكل ما يلزم حتى انه اقترح على القوى السياسية عند الوصول إلى اتفاق على قانون انتخاب أن تتعهد خطياً ولدى كاتب العدل بانتخاب رئيس جمهورية فور انتهاء الانتخابات النيابية وعقد جلسة انتخاب رئيس المجلس وتشكيل هيئة مكتب مجلس النواب، لكنه اصطدم بعدم مبالاة من بعض القوى  وبالأحرى باستعادة رغبتها في الالتزام وحتى في حل الأزمة التي يتخبّط فيها البلد، مما حمل إلى سحب المبادرة من التداول والاقرار بأن ثمرة الحل التي كانت ناضجة سقطت ولم يحسن اللبنانيون التقاطها.