Site icon IMLebanon

«المصالحة:.. و«النأي بالساحة المسيحية..»؟!

 

… ولبنان والمنطقة على وجه العموم، يمران بمرحلة بالغة الدقة، ومفتوحة على العديد من الاحتمالات، فقد يكون البعض يغالي في اعطاء «المصالحة» بين رئيس «تيار المردة» (النائب والوزير السابق) سليمان طوني فرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أبعاداً، لا يبدو انها واردة في حساب ومصالح والتزامات وتحالفات أي من الطرفين – أقله في الوقت الحاضر..

 

ما حصل في بكركي، وبرعاية سيدها البطريرك الراعي، لم يكن وليد اللحظة، تماماً كما حصل قبل أربعين عاماً في مجزرة اهدن، كما لم يكن مجرد «دعسة ناقصة»، بل كان في جزء كبير ومتقدم منه، نتاج مساع حميدة لازالة التباينات وفتح صفحة جديدة، و»توحيد كلمة المسيحيين وقرارهم ازاء ما يحصل وما يمكن ان يحصل لاحقاً.. وهذه مسألة برأي عديدين من أصحاب الخبرة، دونها صعوبات، تقرب حد الاستحالة.

 

«المصالحة» في حد ذاتها، انجاز بالغ الأهمية، وعلى المستويات الاجتماعية والاخلاقية والتربوية، بل والسياسية أيضاً.. فالتباين والاختلاف في وجهات النظر والمواقف أمر طبيعي، وهو جزء من الحياة الديموقراطية لأي شعب من الشعوب، وحق من حقوق أي فريق في التعبير عن آرائه ومواقفه، لكن ضمن سقف الاستقرار العام، والمصالحة الوطنية.. والايام، بل والاسابيع والاشهر المقبلة كافية لرسم خريطة وابعاد وما ستؤول اليه هذه «المصالحة» التي نالت ترحيباً واسعاً، وتركت ارتياحاً على أكثر من مستوى.. تماماً كما لاقت «شكوكاً» و»ارتيابات»؟!

 

ليس من شك في ان الصراع بين أي مكونين لبنانيين او اكثر، مسيحيين كانوا او مسلمين، هو صراع بالغ الخطورة على البلد وأمنه واستقراره بل ووحدته، خصوصاً اذا تجاوز هذا الصراع حد الاختلاف الى الخلاف على الارض، وللبنان في هذا، تجارب مريرة.

 

1 Banner El Shark 728×90

 

ومن غير العودة الى الوراء، فالواقع السياسي – الداخلي والخارجي اليوم، بالنسبة الى «المردة»، تماماً كما بالنسبة الى «القوات» لم يتغير تغيراً عميقاً يقلب الصفحات الماضية ويفتح صفحات جديدة.. فخيارات فرنجية والتزاماته وتحالفاته لا تتقاطع مع خيارات جعجع والتزاماته وتحالفاته، بل على العكس من ذلك، فرئيس «المردة» ملتزم سياسة تأكيد تحالفه مع النظام السوري، كما وتحالفه مع «حزب الله» في لبنان، والعداء لـ»إسرائيل» وتأييد «المقاومة»، مع التشديد على بناء جيش وطني يكون قادراً على مواجهة الاعتداءات والاطماع الاسرائيلية ويحمي الثروات اللبنانية.. فيما خيارات جعجع بعيدة كل البعد عن ذلك.. خصوصاً وان المعطيات الدولية، وتحديداً الاميركية منها، لا تشير الى ان الادارة الاميركية، عادت الى رشدها، وهي ماتزال تتطلع الى المنطقة، من زاوية الانحياز الكامل والمطلق لـ»إسرائيل».. وتمنع عن لبنان حتى أبسط أنواع الاسلحة لبناء جيش قادر على مواجهة التحديات والتهديدات، يقطع الطريق أمام مقولة «ان غياب الجيش القادر حتم وجود الميليشيات»؟!

 

وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة، التي لعبت دوراً أساسياً في عدم استقرار المنطقة، وتحديداً «المشرق العربي»، لم تستطع ان تحقق تطلعاتها كما رسمتها مع «إسرائيل» فهي مصرة على التدخل في صلب الشؤون الداخلية لسائر دول المنطقة، والضغط لتغيير سياسة وسلوك كل الانظمة والافرقاء العرب «لازالة التهديدات لشركائها «إسرائيل» وتركيا والاردن» على ما قال المبعوث الاميركي الخاص الى سوريا جيمس جفري..

 

لبنان أمام خيارات بالغة الدقة والصعوبة، وامام مفترق بالغ الاهمية، ولعل أزمة تشكيل «حكومة وحدة وطنية» هي أحد أبر وجوه هذه الازمة التي طالت، خلافا لما كان يتطلع اليه البعض، ولبنان، كان ولايزال تحت «المجهر الاميركي» خصوصاً وأنه بات في تصنيفات البعض ساحة لايران وورقة في يدها..»؟!

 

من سوء حظ الرئيس المكلف سعد الحريري ان يصل الى ما وصلت اليه الامور.. وهو بعد جهد جهيد، وإذ تمكن من ايجاد مخارج لازمة تمثيل «القوات» و»الاشتراكي»، فإنه «يلعن الساعة» لما آلت اليه الامور، مع بروز ما يسمى بعقدة تمثيل «سنة 8 آذار» او «اللقاء التشاوري» وهو يرى ان العقدة الحقيقة تتمثل بـ»حزب الله» الداعم لحلفائه النواب من خارج «المستقبل» وقد رفع الورقة الحمراء في وجه تشكيل الحكومة، إن لم يشارك بها هؤلاء.. خصوصاً وان الادارة الاميركية تواصل تصويبها على الحزب لجهة العقوبات المتلاحقة وآخرها قبل ايام تلك التي استهدفت نجل السيد حسن نصر الله (جواد).

 

هذا وفي وقت يواصل رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بتكليف مباشر من رئيس الجمهورية، اتصالاته لمحاولة ايجاد مخرج لعقد تمثيل السنة هؤلاء، فإن الحديث عن برودة العلاقات بين الرئيس عون و»حزب الله»، يزداد يوماً بعد يوم منذ المواقف التي أعلنها فخامته في لقائه الاعلامي الاخيرة.. والجميع يدرك ان فك الارتباطات الوطنية، بين سائر مكونات البلد، الاساسية تحديداً، يعني افادة كبرى لكل من لا يريد لهذا البلد سوى إضاعة الوقت، وملء الوقت الضائع بكباشات سياسية واعلامية، لا أحد يعرف الى أين ستؤدي، الامر الذي يعزز في رأي البعض، من أهمية انجاز «المصالحة» في هذا الوقت وهذه الظروف للنأي بـ»الساحة المسيحية»؟!