IMLebanon

إعادة إعمار سوريا و«لعبة» شدّ الحبال الروسي ــــ الغربي

 

ترى روسيا، وهي أكثر الدول الفاعلة في سوريا، أن لبنان سيكون منصة أساسية في عملية إعادة الإعمار في هذا البلد بعد إنتهاء الحرب فيها، وبعد وصول العملية السياسية إلى حل للأزمة في المستقبل، وهي قد بدأت فعلاً تتحرك لإعادة إعمار سوريا.

وتفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع، أن تقدّم العملية السياسية لحل الأزمة يساعد اموراً كثيرة في المنطقة غير الإعمار، ومنها عودة النازحين السوريين إلى ديارهم. وبالتالي إن عودتهم تتوقف على العملية السياسية. فمناطق التهدئة وخفض التوتر تمتد لستة أشهر

قابلة للتجديد ستة أشهر جديدة، بحيث أنه إذا لم تحصل عملية إنتقال سياسية خلالها، فهناك مشكلة. لكن العمل جارٍ منذ الآن لتثبيت التهدئة للإنطلاق بالتسوية مروراً بالجهود لتوحيد المعارضة.

وبعد تثبيت الأمن والإستقرار، يبدأ العمل لإنهاء الأزمة، والمبني على حقوق الطوائف وتقاسم السلطات في ما بينها، وإقتراب إنطلاق العملية السياسية يحتّم التفكير بإعادة الإعمار، وإنحسار الأزمة. والبدء بالحديث عن الحل من شأنه أن ينعكس على الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة. وتأمل المعطيات لدى الدول بأن يقطف لبنان ثمار الحل في سوريا بشكل ايجابي بدءاً بالامن والسياسة، وصولاً إلى الإستثمارات الخارجية في شتى مجالات الإقتصاد لا سيما السياحة، والوضع اللبناني دقيق وحساس، لذلك يحتاج إلى النهوض الإقتصادي وتأمين أجواء مريحة للمستثمر يوفرها الإستقرار الذي سيتعزز أكثر بعد الحل السوري.

وتوضح المصادر، أن المعطيات لا تتوقع أن يعود النظام بالقبضة ذاتها التي كان يمسك بها زمام الإمور في لبنان في السابق. وهذا ليس وارداً لا بل مستحيل. هناك تغييرات ستطرأ على النظام السوري بكامله، قد تأخذ سنوات، لكن حتماً هناك إنتقال لاحق للسلطة، وقد تتحقق الكونفدرالية لأنه من الصعب أن تبقى سوريا موحدة وستخف سطوة النظام على لبنان وسياسته، لا سيما وأن السلطة ستتوزع على كافة القوى السياسية، ولو أن حلفاء النظام سيسعون بإستمرار للضغط الداخلي لخدمة اهدافه إلا أن تغييراً ما سيحصل حكماً.

أما الغرب، أي الولايات المتحدة وأوروبا، فإن لهما موقفاً آخر من إعادة اعمار سوريا. إذ أن مشاركتهما في عملية الإعمار وتمويلهما لها متوقف على الحل النهائي والإنتقالي وبالتالي، هناك اشكالية مع الروس في موعد إعادة الإعمار. الغرب بحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية يعول على دور لبنان في الموضوع، لكنه قبل ذلك يعتبر أن تمويله إعادة الإعمار في سوريا ورقة وحيدة يستخدمها للضغط للتوصل إلى حل سياسي للازمة توصل المعارضة إلى تقاسم السلطة مع النظام، وليس أن يبقى النظام كما هو حاكم، ولو أنه ضعيف واستمراريته تحققت من خلال الدور الروسي العسكري في سوريا. وباتت الورقة الوحيدة في الضغط السياسي هي مسألة إعادة الإعمار، لأن المعارضة خسرت عسكرياً أمام الطيران الروسي، وليس من جهة أخرى مستعدة للقيام بدورها عنها.

لذلك هناك اشكالية الآن، وقد اتخذ الأوروبيون والاميركيون قراراً بعدم تمويل إعادة الإعمار في غياب عملية سياسية حقيقة. النظام يقول بأنه لا يحتاج للغرب للإعمار، وإن الدور الروسي والصيني والإيراني في هذا المجال كافٍ. لكن إعادة الإعمار كلفتها ضخمة تصل إلى نحو ٣٠٠ مليار دولار ولا يمكن للأطراف الثلاثة القيام بها وحدهم. وأي تجاهل من الروس لعملية «جنيف»، لن يؤدي إلى الدخول معهم بعملية إعادة اعمار وليس للغرب مصلحة في ذلك.

والأوروبيون في المدة الأخيرة، قاموا بمراجعة حول المسألة، وقرروا عدم الدخول، وباتت هذه المسألة محسومة، لأن التركيز الغربي على هذه الورقة الوحيدة في اليد، بعدما قبل ضمناً الغرب ببقاء رئيس النظام بشار الأسد في المرحلة الإنتقالية. والضغوط الغربية تتم الآن لدخول كل الأطراف في العملية السياسية. ولا يبدو أن هناك عملية سياسية جدية حتى اليوم، إلا إذا قرر الروس وليس النظام التوصل إليها. إذ أن النظام يعتبر نفسه رابحاً، وليس مضطراً للدخول في عملية سياسية مع الأطراف الأخرى أو «التنازل لها» للمشاركة في السلطة.

حتى لو لم يحصل شيء في العملية السياسية، فإن الغرب سيعلن أنه لن يساهم في إعادة الإعمار.