IMLebanon

البقرة حمراء او صفراء ؟!

 

اشرنا غير مرة الى قول الرئيس الراحل المثقف المرحوم شارل حلو ان لا حلَّ بشريا لقضية فلسطين، اذ هي حرب بين الانبياء وأهل الأرض مجرّد أدوات فيها. ولم يكن هذا الكلام عبثيا، او من باب المزاح.

 

توقف كثيرون، في الفترة الأخيرة، أمام خبر استيراد الصهاينة خمس بقرات حمراء من الولايات المتحدة الأميركية وتداوله الكثيرون بالهزل والمزاح والتنكيت… ولكنّ المطلعين على المخطط الصهيوني تعاملوا معه بجدّية، كما فعل أحد كبار قادة حماس من خارج غزة.

 

فالبقرة الحمراء مرتبطة مباشرة بقرار تدمير المسجد الأقصى وازالته من الوجود. وفي «سفر العدد» من «العهد القديم»، الاصحاح 19، من الآية 2 الى العاشرة ورد: «هذه فريضة الشريعة التي أمر الرب (موسى) قائلا: كلّم بني اسرائيل ان يأخذوا اليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها ولم يَعلُ عليها نير، ويأخذ العازار الكاهن من دمها بإصبعه وينضح من دمها الى جهة وجه خيمة الإجتماع سبع مرات» .

 

وفي القران الكريم وردت الرواية، في سورة البقرة،  بين الآيتين 61 و 73، «اذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة(…) قالوا ادعُ لنا ربك يبين لنا ما لونها قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع».

 

وفي التراث الصهيوني التلمودي ان ذبح البقرة  الحمراء يأتي بعد حرب ابادة،  مقدمةً لبناء الهيكل على انقاض الأقصى، ليتبع ذلك حرب لا تبقي ولا تذر على المستوى الكوني. وهنا يلتقي الصهاينة مع الإنجيليين الأميركيين، فالصهاينة ينتظرون مجيء مسيحهم، بينما الإنجيليون ينتظرون المجيء الثاني للسيد المسيح له المجد ليدين الأحياء والأموات.

 

أما كيف تكون هذه الحرب الماحقة كما ترد في التوراة فيمكن الرجوع الى سفر حزقيال والاصحاحَين 38 و 39 وما فيهما من رمزية وأسماء تطابق بعض البلدان اليوم (…)

 

وفي أي حال، ومن دون تجاهل ما في الكتب السماوية من وقائع ونبوءات وعبر أو التقليل من أهميته ومدلولاته، يبقى ما يُدار على ساحة غزة من حرب عدوانية غير مسبوقة، مسؤولية عربية واسلامية وانسانية عموماً، اذ ان المؤشرات كلَّها تكشف من دون أدنى شكً، ان هناك قرارا وضوءاً أخضر (أو شبه تفاهم عالمي) على ان يفسحوا في المجال أمام السفّاح نتانياهو كي يمضي في مجازره التي تقشعرّ من هولها الأبدان … اذ لا يُعقل فهم ردة الفعل على مستوى معظم بلدان العالم لاسيما الولايات المتحدة الأميركية والغرب الأوروبي، اذ ان الانتقادات (مجرّد الانتقاد وليس حتى الاستنكار اللفظي) ليست سوى بيع بضاعة فاسدة وحركة كاذبة لا أكثر ولا أقلّ … انها سلسلة مجازر تفوق الخيال في بشاعتها وقساوتها. ولكن الأكثر بشاعةً والأشدّ قساوةً هو الموقف الدولي المتواطىء، عربياً واسلامياً ودولياً، وهذا أقل ما يُوصف به.