IMLebanon

خط أحمر

من السابق لأوانه الحكم على مبادرة الرئيس سعد الحريري الأخيرة بالفشل أو النجاح لأن صاحب المبادرة ما زال يستكملها في اتصالات مع دول القرار المعنية أكثر من غيرها بالشأن اللبناني كما أثبتت الأحداث الجارية في الجوار كمثل روسيا اللاعب الأول والأساسي في سوريا، وتركيا التي لها أيضاً حسابات كثيرة في الصراع السوري، وامتداداته في كل المنطقة العربية، لكن من المسلّم به بالنسبة إلى كل القيادات اللبنانية العاجزة أن رئيس التيار الأزرق يحاول بإخلاص وصدق إختراق جدار الأزمة الداخلية بعدما وصلت حالة البلد، إقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً إلى حافة الانهيار بل إلى الانهيار الكامل باعتراف الجميع، وكل الهيئات الاقتصادية والمالية وحتى الدول الصديقة رفعت الصوت عالياً في وجه قياداته والمسؤولين عنه داعية إياهم إلى وضع مصلحة بلدهم قبل مصالحهم وحساباتهم الشخصية. وهو جال على كل القيادات اللبنانية وحثّها على تقديم التنازلات من أجل الوصول إلى قاسم مشترك يجمع حوله كل اللبنانيين ويفضي إلى إنهاء الأزمة العالقة منذ سنتين ونصف السنة والتي تستنزف البلد في كل يوم يمر من دون التوصّل إلى إنهائها، لكن التنازلات المطلوبة قابلها الذين يعطّلون انعقاد مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد يُخرج البلد من دائرة المراوحة والنزف، سارعوا بدلاً من ملاقاة رئيس التيار الأزرق في منتصف الطريق ولو كان الحل على حساب وجوده السياسي، إلى وضع العصي في طريق مبادرته بوضع الشروط المسبقة على الرئيس العتيد والتي لا يمكن ولا يجوز ولا يُعقل أن يقبل بها أي رئيس مهما كان راغباً في السلطة، والتي يمكن اختصارها بسلة الرئيس نبيه برّي، هذه السلة إذا صح اعتمادها تكبّل رئيس الجمهورية والحكومة وتلغي دورهما تماماً لأنها تشترط التفاهمات المسبقة على إعادة تكوين السلطة كمثل الاتفاق على قانون الانتخاب وعلى الحكومة وشكلها وبيانها الوزاري ودور المقاومة التابعة لحزب الله، وتوزيع الحقائق الوزارية ولا سيما منها المسماة سيادية لكي يكون للطائفة الشيعية الكريمة حق المشاركة الفعلية في الحكم من خلال المشاركة الحتمية في التوقيع على كل المراسيم التي يصدرها رئيس الجمهورية، ناهيك عن إعادة النظر في توزيع المراكز القيادية، كحاكمية مصرف لبنان، ومدّعي عام التمييز وقائد الجيش، وكل هذه الشروط التي ظهرت بالتزامن مع الحراك الذي بدأه رئيس التيار الأزرق لإنقاذ الجمهورية ولو دفع من رصيده السياسي والشعبي بل كان الخاسر الأكبر بعد محاصرته من قبل الأكثرية الساحقة من نواب كتلة المستقبل تعني شيئاً واحداً وهو قطع الطريق على المبادرة وتفشيلها من أول الطريق، وظهر هذا الأمر بوضوح بالموقف الرافض للسلة الذي اتخذه البطريرك الماروني مار بشارة الراعي وتناغم معه رئيسا حزبي القوات والتيار الوطني الحر وكل القيادات المارونية الأخرى من منطلق أنها (السلة) تلغي أي دور لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فضلاً عن كونها مخالفة موصوفة للدستور وأحكامه، وبات يتعيّن على رئيس التيار الأزرق إعادة النظر في مبادرته الجديدة، لا سيما وأنها لا تلقى تجاوباً لا من قاعدته الشعبية ولا من قاعدته النيابية على الإطلاق اللتين تعتبرانها بمثابة الخط الأحمر.