Site icon IMLebanon

مشهد عابق بالتطورات يسبق الاتفاق النووي النهائي

يعتقد فريق من السياسيين أنّ الشهر الحالي سيكون حافلاً بالتطوّرات الاقليمية والدولية، خصوصاً اذا كان سينتهي مثلما هو مقرّر بإعلان الاتفاق النهائي على الملف النووي بين ايران والدول الغربية.

ويقول احد السياسيين انّ الجميع يتحركون بعامل الوقت، ويسعى كل طرف الى تحسين شروطه استعداداً لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي، لأنّ هذا الاتفاق سيطلق بعد إعلانه مرحلة جديدة في المنطقة يفترض ان تكون مرحلة اتفاقات على البدء بتسوية الازمات الاقليمية من اليمن الى البحرين مروراً بالعراق الى سوريا ولبنان، خصوصاً انّ هناك ما يشبه الاتفاق الضمني بين ايران والدول الغربية على ضرورة معالجة هذه الازمات تباعاً من دون تحديد سلّم الاولويات لهذه المعالجة.

وفي انتظار ذلك الاتفاق النووي المقرّر فإنّ المؤشرات تدل الى انّ المشهد السوري سيكون عابقاً بالتطورات الكبيرة خلال الايام والاسابيع القليلة المقبلة، والبعض يقول انّ المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الايرانية السابق ومستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية الدكتور علي اكبر ولايتي في دمشق في الآونة الأخيرة إكتسبت أهمية كبرى بنتائجها ومدلولاتها على مستقبل الوضع السوري، وهذه النتائج ستُتَرجم في المدى المنظور.

امّا بالنسبة الى الوضع العراقي فهو الآخر سيكون ايضاً عابقاً بالتطورات الميدانية الكبرى التي ستكون لها اهميتها بالنسبة الى مستقبل العراق، إذ تشير الوقائع العسكرية الماثلة على الارض الى انّ الحكومة العراقية بمختلف قواها المسلحة عازمة على استعادة منطقة الأنبار المحاذية للحدود السورية من ايدي تنظيم «داعش»، ما يفتح الطريق امامها لاستعادة مدينة الموصل في وقت ليس ببعيد، ما يجعل «داعش» واخواتها في سوريا بين فكّي كمّاشة، القوات العراقية من جهة وقوات النظام السوري من جهة ثانية، إذ يفترض بهذا النظام ان يلاقي المشهد العراقي المرتقَب بمشهد مماثل في مواجهته المعارضة المسلحة بكل فصائلها في مختلف المناطق السورية.

وإنّ التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن يشنّ هجمات ويخوض معارك شرسة طامحاً الى تحقيق تقدّم كبير في المعركة التي يخوضها ضد الحوثيّين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح والجيش اليمني، بما يحسّن شروطه في الحل المرتقب للأزمة اليمنية والذي ستنعقد لأجله مفاوضات في جنيف. وفي المقابل يعمل الحوثيّون وقوات صالح على الصمود في المعركة بما يعزّز موقفهم في تلك المفاوضات.

ولذلك مثلما سيتصاعد الموقف العسكري في العراق وسوريا سيتصاعد ايضاً في اليمن، في الوقت الذي يتوقع أن يشهد لبنان حسماً للموقف العسكري في جرود عرسال، وكذلك معالجة للوضع في بلدة عرسال نفسها، في ظل حرص على أن لا يؤدي هذا الحسم الى ايّ تداعيات داخلية لبنانية قد تؤثر في مصير حكومة الرئيس تمام سلام التي باتت المؤسسة الدستورية الوحيدة العاملة في الدولة نتيجة تعطيل العمل التشريعي في مجلس النواب، وكذلك في ظل الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية الذي مضى عليه عام وعشرة ايام تقريباً.

وبعض السياسيين كان ولا يزال يعتقد انّ الازمة اللبنانية، وعلى رغم انها لا تبدو اولوية لدى جميع اللاعبين الاقليميين والدوليين المنغمسين في

ازمات سوريا والعراق واليمن، فإنها قد تشهد في لحظة سياسية ما حلحلة إذا حصل توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية، وخصوصاً اذا حصل التوافق الذي بدأت تلوح مؤشراته في الافق الداخلي اللبناني على حل قضية عرسال وجرودها بطريقة لا تترك ايّ انعكاسات سلبية على مستقبل الاوضاع الداخلية المأزومة سياسياً منذ أمد طويل.

ويؤكد هؤلاء السياسيون انه، وخلافاً لكل التناقض، وأحياناً التشنج، الحاصل حول ملفّي عرسال والتعيينات في المواقع القيادية العسكرية والامنية، فإنّ ايّ طرف داخلي لا يستطيع ان يذهب في موقفه الى حد تعطيل الحكومة، حتى تكتل «التغيير والاصلاح» برئاسة النائب ميشال عون نفسه، لأنّ ذلك التعطيل سيترتّب عليه مسؤوليات كبيرة أمام الرأي العام اللبناني، وكذلك امام الجهات الاقليمية والدولية التي تؤكد يومياً تمسّكها بالاستقرار الامني السائد على رغم هشاشته، وتشدد على بقاء الخلافات السياسية في الاطار الذي لا يهزّ ذلك الاستقرار.