الموقف الذي اتخذه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حول ضرورة عدم ترك الوضع السوري في معالجة مسألة الارهاب كان لافتاً، ولطالما كانت فرنسا ومنذ العام 2011 تطالب الاميركيين بأن يتم القيام بشيء ما لوضع حد للازمة السورية.
وتفيد مصادر ديبلوماسية، ان الادارة الاميركية لا تريد القيام بعمل عسكري، او خطوة حاسمة لتغيير الواقع السوري، وهذا ما ابلغ الى الفرنسيين اخيراً، وقبله مراراً عندما كانت هناك حماسة فرنسية للقيام بفعل ما مع المجتمع الدولي. الادارة الاميركية لم تكن تريد ذلك، ولا هي الآن في صدد القيام بفعل ما، ولو بدأ الارهاب يطال فرنسا وغيرها من دول اوروبا.
بعد عملية باريس كانت هناك مواقف غربية ودولية. لكن في الوقت نفسه حاول الرئيس السوري بشار الاسد ان ينصح الدول في مسألة معالجة الارهاب لكن ردها كان انه لو ترك منصبه لما كان الارهاب استشرى ولما وصل الوضع الى ما وصل اليه. فضلاً عن ان الفرنسيين يتهمونه بأنه وراء الارهاب وأنه افرج عن سجناء ارهابيين، اي انه لا يمكن بالنسبة الى الدول الابقاء على الاسد مقابل ازالة الارهاب.
معالجة الوضع السوري، دولياً، تنحصر وفقاً للمصادر بأمرين، الاول عبر التحالف الدولي ضد الارهاب و»داعش» والعمل لتعزيز هذا التحالف وتنسيق الجهود في ما بينه، فضلاً عن اتخاذ قرار اميركي بدعوة الدول الى مؤتمر قمة ضد الارهاب في واشنطن في 18 شباط المقبل. هدف المؤتمر هو التنسيق الامني، وتبادل المعلومات، وكشف الخلايا النائمة التي تشكل قنبلة موقوتة داخل المجتمعات في خطورتها، ولهذا بوشرت المداهمات داخل اوروبا، وكل ذلك لكيلا يتكرر ما حصل في فرنسا. والهدف بالتالي تعزيز قدرة الدول على ان تتعاون على اراضيها وليس فقط من خلال شن الحروب داخل دول اخرى. والمعلومات يجب ان تساعد الدول على ملاحقة الاشخاص، لاسيما اولئك الذين امضوا مخدوميتهم في السجون، وليس تركهم وشأنهم. ثم اولئك الذين يشتبه بمغادرتهم الى سوريا والعراق، وعودتهم الى اوروبا. ويتطلب ذلك تنسيق جهود غربية عربية تلافياً للوقوع في فجوة، والقمة، من اجل ان تكون الدول العربية في طليعة الدول التي تكافح الارهاب.
اما الامر الثاني، فهو من خلال خطة الموفد الدولي لحل الازمة السورية ستيفان دو ميستورا، وهي ما تعتمد عليه الدول، في غياب اي حل آخر. ويفترض ان تتكشف نتائج الخطة هذا الشهر من خلال ما ستؤدي اليه جولة دي ميستورا في المنطقة، وزيارته لسوريا. ثم من خلال مؤتمر موسكو الذي ينقسم الى اثنين: مؤتمر للمعارضة، وآخر للمعارضة مع النظام. فضلاً عن الاعتماد على تراجع اسعار النفط لكي يشكل ذلك ضغطاً على مواقف روسيا والنظام وإيران.
المعارضة السورية المعتدلة تخشى دائماً من ان تتم دعوة معارضة الداخل واعتبارها اساسية في النقاش، وهي قريبة من النظام. ثم التخوف من الاكراد الذين يقولون انهم ضد النظام، لكنهم عملياً يتعاونون معه. المشكلة عند المعارضة المعتدلة في التوازن داخل المعارضة الشاملة، وكيفية تنسيق موقفها معها. اجتماع القاهرة يأتي قبل مؤتمر موسكو. لكن هذا الاسبوع حاسم بالنسبة الى مسار خطة دي ميستورا.
نائب دي ميستورا امضى الاسبوع الفائت في سوريا اياماً عدة، والنقاش تناول إنجاح الخطة. وتلاحظ المصادر عدم وجود ضغوط على النظام لا من خلال الوقائع على الارض لتجعله يقدم الى التسوية ولا من خلال المواقف الدولية. وبالتالي لا يتوقع ان يعطي النظام تسهيلات بهذه السهولة.
وتبعاً لذلك، لن يتدخل الاميركيون في سوريا بطريقة عسكرية لازالة النظام. ووفقاً للمصادر، انهم سيركزون فقط على «داعش» ومحاربتها. الرئيس باراك اوباما لا يريد تغيير سياسته الراهنة، وهو لا يزال مقتنعاً بعدم فعل اي شيء اضافي حيال سوريا. الا ان الاحداث او المستجدات قد تفرض نفسها لاحقاً وتؤدي الى تغيير في السياسة، انما حتى الآن لا تغيير، لا سيما وان الوضع في الدول المحيطة بسوريا مثل لبنان وتركيا والاردن لا يزال ممسوكاً، الامر الذي لا يوجب على الادارة التدخل اكثر لفعل اي شيء على اساس هذا الاستقرار الاقليمي. في لبنان هناك حد ادنى من الاستقرار الامني والسياسي. وعلى الرغم من الاحداث المتنقلة، لكن الوضع لم ينفجر، ولا توجد حرب اهلية. والفرنسيون سيستأنفون اتصالاتهم حول الملف الرئاسي قريباً، وعندما يعلن الاطراف اللبنانيون انهم يؤيدون رئيساً توافقياً، فهذا يني الاقتراب من التسوية.