Site icon IMLebanon

إصلاح ضروري في رأس السلطة الفلسطينية

 يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند قبل الجمعية العمومية في الأمم المتحدة في أحلك الظروف للسلطة الفلسطينية التي تمر في وضع نهاية عهد رئيسها. فنظام الرئيس عباس أصبح على وشك الانهيار إضافة إلى سياسة إسرائيلية مستمرة في بناء المستوطنات من دون مساءلة من أحد مع حوالى نصف مليون إسرائيلي يعيشون في الأراضي الفلسطينية و٦٠ في المئة من أراضي الضفة تحت سيطرة إسرائيل.

من الصعب تصور أي مسار سلمي أو مفاوضة حقيقية مع الجانب الفلسطيني على الأمور الأساسية، أي القدس الشرقية والأماكن المقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين في مثل هذه الظروف. وتدين الأسرة الدولية الاستيطان لكنها تترك إسرائيل تستمر في هذه السياسة من دون أي عقاب، في حين أن الأوضاع ستنفجر عاجلاً أو آجلاً في الأراضي الفلسطينية ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية. في ظل هذه السياسة الإسرائيلية المستمرة، تحولت رئاسة عباس ونهجه إلى نوع من دكتاتورية تستبعد العناصر الكفوءة، مثل سلام فياض وغيره ممن تركوا الساحة الرسمية وراحوا يناضلون بطريقة مستقلة، مثل السيدة حنان عشراوي التي تحظى باحترام كبير مثل فياض.

يقول البعض إن عباس يريد ترك الرئاسة وتسليم خلافته لعناصر موالية له بعضها لم يحقق أي نجاح. ويهدد نظامه المنتقدين وهناك عدم وضوح حول التوجهات التي يريد اعتمادها بالنسبة للتحركين الداخلي والخارجي. فالسؤال هل تنهار السلطة الفلسطينية من الداخل أو أن الأمور ستنفجر بوجهها على رغم مراقبة شديدة لمنتقديه الذين إذا جازفوا بانتقاده على صفحات الشبكات الاجتماعية قد يتعرضون لتهديدات رجال امنه في الأراضي الفلسطينية. فماذا يريد عباس من الدول الغربية الصديقة في مثل هذه الظروف؟ وتتفاوض إسرائيل مع “حماس” في غزة، في حين أنها تطلب من عباس اتخاذ إجراءات ضد “حماس” في الضفة.

يعتمد بنيامين نتانياهو نهج “فرق تسد” لتقسيم الساحة الفلسطينية وزرع الفتنة فيها. وإسرائيل حالياً تنعم من الحروب العربية المجاورة في سورية والعراق، فليس هناك أي جيش عربي يهددها. حزب الله منشغل بحربه لحماية النظام السوري. والتنسيق بين الجيش الإسرائيلي والجيش المصري على ما يرام وإسرائيل أيضاً في علاقة طبيعية مع الأردن والغاز الإسرائيلي الموجود في شاطئ المتوسط سيباع الى مصر والأردن حتى يتم تطوير الاكتشاف الغازي الكبير في مصر. وهناك هدوء في الضفة بفضل التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية والأمن الإسرائيلي. فعلى الصعيد الدولي لا أحد يضغط على حكومة نتانياهو، خصوصاً أن الرئيس باراك أوباما يحرص على عدم إثارة المزيد من الغضب الإسرائيلي على صعيد العلاقات الفلسطينية بعد أن أثار غضب نتانياهو بالمضي قدماً في الاتفاق النووي مع إيران. أما باريس، فتعمل على دفع مبادرة عقد اجتماع لدعم الفلسطينيين في الأمم المتحدة في نيويورك مع دول أوروبية مشاركة في المجموعة. لكن الولايات المتحدة تعارض هذه المبادرة، لأن كل إدارة أميركية تعتبر أن أي مسار تفاوضي أو أي تحرك بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين عليه أن يمر عبرها، علماً أن الاتحاد الأوروبي هو الممول الاقتصادي الأكبر للسلطة الفلسطينية. إن الأوضاع الفلسطينية الداخلية مزرية وينبغي فعلاً أن يتم إصلاح السلطة الفلسطينية من انقسامها وفسادها وتدهور الأوضاع فيها وتجديد رأسها بعناصر كفوءة تريد فعلاً تحسين أداء الحكم فيها كي تتمكن من الصمود بوجه حكم إسرائيلي متعنت ورافض مبدأ الدولتين.

ففي مثل هذه الأحوال تكون فكرة الدولة الفلسطينية قد دفنت إسرائيلياً ويتحمل عباس مسؤولية عباس في ذلك. فزياراته العواصم الأوروبية لن تجدي. الإصلاح ضروري من رأس السلطة.