الخبر السيّئ هو ما أعلنه الرئيس نبيه بري عن تعليق الحوار، والخبر الجيّد هو ان هذا التعليق لا يعني نهاية العالم، ولأن الهيكل لا يمكن هدمه بمعول واحد، بل يحتاج الى معاول كثيرة أخرى تتجاوب معه في هذه العملية المؤذية والخطيرة. وردود الفعل الفورية على المبادرة الهجومية التي قام بها الوزير جبران باسيل ممثلاً التيار الوطني الحر في جلسة الحوار الأخيرة، كانت حذرة ومتهيبة ومستنكرة، وراغبة في ضبّ المعاول في المخزن، والمبادرة – على العكس – الى ترميم الشقوق والفسوخ في الهيكل، بدلاً من المؤازرة في دعم الهدم!
***
وجه التيار الوطني الحر رسالة خاطئة الى اللبنانيين عموماً والى المسيحيين بخاصة، من الصعب عليهم فهمها، واذا فهموها، فمن العسير القبول بمضمونها. والانطباع العام هو ان التيار يحمل رسالة محقة في أهدافها، ولكنه يدافع عنها بأسلوب سيّئ تنقصه الحكمة والحنكة والذكاء، ويعيبه النزق والتسرّع والانفعال. بدا وكأن التيار يفتقر الى النفَس الطويل وقد نفد صبره، ويضع الآخرين – كل الآخرين – أمام الخيار الأخير: اما قبول الأطياف كافة بما يمليه التيار من مفاهيم وقيم وتفسيرات، واما وضع نهاية للمشوار وفض الشراكة الوطنية، ويذهب كل في طريق!
***
رضي اللبنانيون بكل هذا التعتير وكل هذا الويل الذي يضربهم ويتدفق عليهم من جحيم المنطقة، ومن عبثية هذه الطبقة السياسية في مناكفاتها وخناقاتها، وفشلها في أبجدية ممارسة مهمتها وهي حماية الوطن والناس من المخاطر، وتقديم ما يلزم لهم من خدمات. وكل ما كانوا يرجونه ألاّ يتحوّل السياسيون الى خطر تدميري للوطن يضاف الى أخطار الارهاب التكفيري الذي يعصف بالمنطقة… ولهذا السبب رفعوا كل من كان خطابه السياسي يدعو الى الحوار وتنفيس الاحتقانات والوصل بين المتباعدين، رفعوه الى مرتبة القداسة! ولذلك – على الأرجح – لن يغفر اللبنانيون لكل من يحاول تعميم الظلام باطفاء آخر شمعة متواضعة للحوار!
***
الرسالة الخاطئة التي يوجهها التيار الوطني الحر للبنانيين بعامة وللمسيحيين بخاصة يمكن تلخيصها بهذه الكلمات: أما وقد فشل التيار باصلاح الهيكل، فتعالوا الآن لنهدمه!