IMLebanon

الولد اللاجئ… رحل ولم يعد!

يبلغ التلميذ السوري اللاجئ في لبنان وقتا لا يستطيع فيه الاستمرار في المدرسة الرسمية التي استضافته بديلاً من الشارع. يقرر تركها ليس لأنه لا يريد التعلّم، انما لعدم قدرته على متابعة المنهج التعليمي اللبناني الذي يفرض مواد معينة ولغات لا يتقنها التلميذ السوري لاختلاف المنهجين بين سوريا ولبنان. هو يترك المدرسة لسبب آخر أيضاً حين تقرر عائلته الانتقال الى مكان آخر والبحث عن عمل لأفراد العائلة، أو الرحيل الى منطقة لجوء آخرى في أوروبا اذا توافرت الإمكانات. أما وأننا نعرف أن في لبنان 500 ألف لاجئ سوري في عمر المدرسة، بينهم أكثر من 300 ألف لم يحصلوا على مقعد دراسي، فإنه لا يمكن حصر أعداد المتسربين أو أولئك الذين رحلوا عن لبنان الى هجرة جديدة ولجوء لا يعرف أحداً مستقبله.

وليس التلميذ اللاجئ الذي يدرس في مدرسة رسمية في بيروت وحده الذي قرر والده الهجرة الى أوروبا عن طريق تركيا. أفراد العائلة مسجلون على لوائح مفوضية اللاجئين، لكن الوالد يعمل من الصباح الى المساء في اشغال الكهرباء، على ما اكتسبه من مهارات في صيانة الآلات والموتورات وأجهزة الكهرباء في سد الفرات، فيما يساعده ولده التلميذ في أيام كثيرة يتغيب فيها عن صفه لاكتساب المهنة. وحين قرر الوالد الهجرة الى أوروبا بطريقة غير شرعية بحثاً عن الاستقرار، كان مقتنعاً بأنه سيؤمن مستقبلاً لولده في التعليم وهو الذي قرر أن يصطحبه في رحلته من بين أفراد العائلة الفتيات خوفاً من خسارته له في حال بقائه من دون تعليم. هاجر الوالد وابنه ولا أحد يعرف مكانهما ولا الجهة التي قصداها وما اذا كانا نجحا في العبور الى احدى الدول الأوروبية مع ألوف اللاجئين الآخرين.

نتحدث عن ولد لاجئ، ونحن نعرف أن ألوف اللاجئين يعانون أوضاعاً صعبة وكارثية أيضاً، تقفل أمامهم الأبواب فيقررون الهجرة، أو البقاء في الشارع، فيما يخرج أولاد الى أماكن لا يعرفها أهاليهم، ومنهم من يكبر ويقرر العودة الى سوريا ملتحقاً بأطراف الحروب الأهلية، فيما يموت لاجئون ويدفنون ولا يُعرف أيضاً مصير آخرين استغلوا لغايات معروفة. هذا يعني أن قضية اللجوء ومعاناة أولاد اللاجئين لا تغطيهما بالكامل مفوضية اللاجئين، ولا يستطيع لبنان عبر وزارة التربية تغطية أعباء تعليمهم وخدماتهم. وحين يصبح الولد اللاجئ في الشارع والمخيمات العشوائية متروكا لمصيره، بالرغم من المساعدات التي لا تغطي التكاليف وترفع الأعباء، سنشهد المزيد من حالات لا تقتصر على الهجرة والرحيل، انما ايضاً على اشكال أخرى أكثر خطورة لأولاد بات الجميع مقتنعاً أنهم بلا هوية ولا يعرفون الى اي بلد أو كيان ينتمون!.