لم تسجّل حتّى تاريخه أيّ إصابة رسمية بفيروس «كورونا» في محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل، لكنّ ذلك لا يعني أنّ المنطقتين بمنأى عن أيّ تطوّر، خصوصاً أنّ «الخطر» الداهم قد يدخل عبر المعابر غير الشرعية حيث لا فحوصات ولا إجراءات وقائية!
لم تعد الاجراءات الوقائية خياراً بل أضحَت ضرورة قصوى لا سيما في مخيمات اللاجئين السوريين، خصوصاً أنّ حرب الشائعات كثيرة هذه الايام. وتحدث محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر لـ»الجمهورية» «عن أنّ إحداهنّ عمّمت في مخيّمات النازحين قصة مفادها أنّ فيروس كورونا «بدعة» إخترعها اللبنانيون ليرعبوا اللاجئين، فيخافون ويعودون إلى بلادهم، ما تطلّب دعماً من الـ UNHCR كي تخصّص لهم حملات توعية عن الفيروس المستجدّ، لأنّ عدم الوقاية قد تعرّضهم وتعرّضنا لِما لا تحمد عقباه».
وعن الإجراءات الوقائية المتخذة في أنحاء المحافظة، أكّد خضر أنّ «حملات تدريب أجريت لجميع عناصر شرطة البلدية ضمن نطاق بعلبك والهرمل، لضمان تعاملهم بالطريقة المثلى مع أيّ حالة قد يشتبه بإصابتها»، كاشفاً «عن تجهيز عدد من «المستوصفات المتنقّلة» التي تجوب المناطق البعيدة منها، والتي تفتقد لأدنى المتطلّبات الصحية كالمستوصفات والمراكز الطبية… وذلك لمتابعة وضعهم الصحي والإطمئنان الى حالهم».
وفي السياق عينه، أشار خضر الى التعميم الصادر والمتعلق بالتجمعات وضرورة إلغاء المناسبات الرسمية والإحتفالات، باستثناء حالات الوفاة التي تتحكم بها العادات والتقاليد حيث يحضر المئات الجنازة، وهنا تتدخل القوى البلدية للطلب من الناس تقديم واجب العزاء من دون تقبيل أو مصافحة، كما تقوم عناصر البلدية بتوزيع «السائل المعقّم لليدين» على الحاضرين للتخفيف من احتمال نقل أي عدوى.
وبناءً على التوصيات الحكومية ووزارة الصحة، فإنّ الإجراءات الوقائية الأساسية تطبّق في كل مراكز الدولة في بعلبك والهرمل بحسب ما يقول خضر، ويضيف: «عمّمنا على الدوائر عدم البدء بإجراء أي معاملة قبل مَضي 24 ساعة على تسلّمها، لأنّ الفيروس يعيش على الأوراق والمستندات لساعات. وبالتالي، قد ينقلها أحد المصابين الى الورقة أو المستند ومنها الى الموظف، وانتظار هذه المدّة قبل تسلّم المعاملات يكون كفيلاً بالتخلّص من الفيروس».
وشدّد على أنّ «الإقفال الموقت الاحترازي للمقامات الدينية: السيدة خولة، النبي شيت، السيدة، ومسجد رأس الإمام الحسين، جاء بعد التشاور مع القيّمين عليها وبالإتفاق معهم وذلك منعاً لانتشار الفيروس خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من السياح ما زال يئمّ تلك الأماكن، وبالتالي الحفاظ على صحّة وسلامة الجميع ضرورية».
بلدية القاع
لكنّ الإجراءات المتّخذة في الهرمل وبعلبك، تقابلها شبه «حالة فلتان» في القاع، الذي يرفع رئيس بلديتها بشير مطر الصوت عالياً: «الإجراءات المتّخذة على الحدود الشرعية غير فاعلة بسبب «الفلتان» الحاصل على المعابر غير الشرعية». ويضيف: «يدخل من تلك المعابر أناس خطرون من إرهابيين ومجرمين. وقد يكون من بينهم مصابون بفيروس كورونا، وهذا الأمر ليس مستبعداً لأنّ من يقوم بتهريب هؤلاء الناس لن يجري لهم الفحوصات اللازمة، فهدفه واضح وهو جَني المال مقابل تهريبهم الى الداخل اللبناني». ويكشف أنّ «اللاجئين الذين يتم ترحيلهم عبر المعابر الشرعية يتم إعادتهم الى الداخل اللبناني عبر المعابر غير الشرعية»، واضعاً «هذا الملف بعهدة الدولة».
أمّا عن الإجراءات المتّخذة لحماية اللاجئين من «كورونا»، فلفت مطر إلى أنهم كبلدية «تواصلوا مع المسؤولين، وتمّ وضعهم في صورة ما يجري وضرورة التَنبّه وعدم استقبال أي لاجئ جديد بسبب كورونا. كما طالبوهم بضرورة التبليغ عن أي حالة قد تكون مصابة بالفيروس، لأنّ أي إصابة تُسَجل في المخيمات ستشكّل أزمة على الجميع».
وفي المقابل، رأى أنّ كل هذه الإجراءات تبقى ضئيلة لاحتواء البلدة 32 ألف نازح. ولفت الى أنّ «مفوضية اللاجئين والمنظمات غير الحكومية والصليب الأحمر تقوم بحملات توعية للنازحين، ونحن كبلدية قمنا بتعقيم مخيّمين حتى الآن نظراً لإمكاناتنا البسيطة، لكننا نسعى لتعقيم المخيّمات الاخرى أيضاً، كذلك قمنا بحملة تعقيم للطرق من المعبر وصولاً الى الشوارع الداخلية، إضافة الى الكنائس والمدارس والطرق والنقليات العامة».
أمّا بالنسبة للمعابر الشرعية، فكشف مطر «أنّ وزارة الصحّة استجابت وأرسلت 7 أطباء الى المعبر الذي كان يضمّ فقط ممرضين يُجرون اللقاحات اللازمة للنازحين، ويتابعون كلّ الناس التي تمر من المعبر، لافتاً الى انه تم تسجيل حالة واحدة وهي المرأة السورية التي كانت آتية في باص، وتمّت إعادتها والباص الى الداخل السوري».
زحلة… والهلع
وفي السياق، أكّد رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب لـ»الجمهورية» أنّه «قام بحملة تعقيم للمباني التابعة للبلدية، ووضع في داخلها أدوية تعقيم للأيدي لحماية الموظفين وقاصدي المباني، على أن يتابع مع محافظ البقاع إمكانية تعقيم المباني الرسمية كالسراي وغيرها في إطار الحماية من فيروس كورونا».
وأكّد أنّ «الحياة في زحلة لم تعد على طبيعتها، وأنّ معظم الناس لا يتجوّلون بحرية كما في السابق، والحركة خفيفة خصوصاً في السوبرماركت والمراكز التجارية».
وعن إقفال المرافق العامة، أكّد أنّ «البارك البلدي لن يقفل وسيبقى مفتوحاً للعموم كمتنفّس، وأنه سيتمّ تعقيمه دورياً كلّ أسبوع، كما المباني البلدية. وبذلك، يكون الخيار مفتوحاً أمام قاصدي البارك من عدمه».