IMLebanon

يتحرّك “اللاجئون” و”النازحون” فور تدفّق “المال”!

الجواب الثاني عن التساؤل، إذا كانت الحرب السياسيّة – الإعلاميّة ذات المنحى المذهبي المكشوف الدائرة في لبنان ستتحوّل حرباً عسكريّة – أمنيّة، يقدّمه أيضاً مُتابعون جديّون وموضوعيّون للأوضاع اللبنانيّة والإقليميّة. وهو يستبعد في هذه المرحلة على الأقل التحوّل المذكور لاعتبارات كثيرة بعضها معروف ويتعلّق بعدم رغبة “حزب الله”، وهو الفريق القادر على الحرب بل المستعد لها، في خوضها. أولاً لانخراطه بكلّيته في حرب سورياً. وثانياً لمعرفته أن حرباً أهليّة تُضعفه كثيراً وتشلّحه مكتسبات داخليّة وأخرى خارجيّة أبرزها التقدير العربي والإسلامي المتبقّي له جرّاء نجاحه في مواجهة إسرائيل، وإجبارها على إنهاء احتلالها لمناطق لبنانية. كما يتعلّق بعدم استعداد أخصامه بل أعدائه للحرب. أولاً لعدم امتلاكهم ميليشيا أو جيشاً قادراً على خوض حرب. وثانياً لعدم رغبتهم في الانتقال من حكم شيعي إسلامي متشدّد إلى حكم إسلامي سنّي بالغ التطرّف، وذلك على رغم تمنّيهم ضمناً انتصار كل الذين يحاربون نظام الأسد في سوريا والجمهوريّة الإسلامية الإيرانية.

أما البعض غير المعروف من الاعتبارات فهو غياب “عصب” الحرب وغياب التنظيمات العسكريّة أو الميليشيويّة عند نصف اللبنانيّين الذي يدعم المملكة العربيّة السعودية وهو المال طبعاً. وقد يعزو البعض غيابه إلى النفقات الباهظة لحرب اليمن وإلى الانخفاض المريع لأسعار النفط. لكن ذلك على صحّته مبدئياً ليس السبب الفعلي. ذلك أن حرب اليمن هي عمليّاً معركة في الحرب بين الرياض وطهران. والفوز فيها إذا أراد السعوديّون ذلك فعلاً يقتضي استمرار معركة سوريا واستمرار معركة العراق والتحسّب لأي معركة في أي دولة عربية أخرى، وخوض معركة لبنان بكل ما أوتوا من قوّة سياسيّة وماليّة وتسليحيّة. ومن يراقب وضع حلفاء الرياض من اللبنانيّين ويقارنه بوضع حلفاء طهران يشعر بالفرق على رغم أن انخفاض مردود النفط طالهما معاً. فهم يحتاجون إلى كل شيء، إذ أن الحنفية التي طالما أفاضت الخير عليهم صارت شبه مغلقة باستثناء بعض المساعدات لعدد من الجمعيات الدينيّة والخيريّة. علماً أن عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت اعتُبرت وعن حق إشارة لالتزام السعوديّة جديّاً في “عهدها” الجديد مساعدة لبنان وتحديداً نصفه المؤيّد لها وتمكينه من المواجهة بكل الوسائل. ذلك أن اجتماعات سبقتها مع مسؤولين كبار في المملكة تقدّموا بالتزامات واضحة. لكن تنفيذها لم يبدأ على رغم أن التعبئة الشعبية عند النصف المؤيّد لها بدأت بعد قرار وقف الهبة العسكريّة ثم منع الرعايا من زيارة لبنان. لكن ذلك لا يمكن أن يستمر في ظل عدم التكافؤ بين تعامل إيران والسعوديّة مع مؤيّديهما من اللبنانيّين. علماً أن معلومات المتابعين الجديّين أنفسهم تشير هنا إلى أن شحّ المال السعودي لا يقتصر على لبنان، بل يشمل غالبية الذين كانت تموّلهم المملكة من أجل نشر الدعوة الإسلاميّة في أرجاء العالم. وقد تمّ ذلك بتفاهم مع واشنطن وخصوصاً بعدما انطلق الدعاة قبل عقود كثيرة من فكر راديكالي قديم أحيته التطوّرات الجديدة في حينه، فتحوّل قسم كبير من هؤلاء مناصرين للتشدّد “القاعدي” سابقاً ثم “الداعشي” اليوم. والهدف منه تجفيف المنابع الماليّة للإرهاب المنطلق من تشدّد سنّي، والحدّ من خطره على العالم وأيضاً على المملكة، هي التي ظنّت قبل عقود أن انتقال متطرّفيها لمحاربة الإلحاد الشيوعي في أفغانستان ثم نشر الدعوة الإسلامية في العالم سيبعد رافضي الحداثة والتطوّر والاعتدال في الحكم السعودي. لكن النتيجة كانت عكسيّة إذ عاد هؤلاء إلى المنطقة وصارت المملكة والعائلة الحاكمة الهدف الأوّل لحربهم الدينيّة. هل يعني الجواب الثاني استبعاداً نهائياً لتحوّل الحرب المذهبيّة السياسيّة والإعلاميّة المتصاعدة في لبنان حرباً عسكريّة وأمنية؟

كلا، يُجيب المتابعون الجديّون والموضوعيّون الآخرون. لكنه يحصل عندما “ينتفض” إسلاميّو المخيّمات الفلسطينيّة بعدما يستعينون بالنازحين السوريّين الذين ترفض غالبيّتهم نظام الأسد. وربما تكون الاستعدادات لذلك جارية. لكن موعد التنفيذ لن يُحدّد قبل وصول الأموال إلى الفلسطينيّين لأنّهم سيكونون قادة المعركة في مواجهة “حزب الله” وحلفائه. والسؤال هل ينتظر ذلك ضوءاً أخضر أميركياً أم أن المموّلين الإقليميّين صارت مصالحهم تُحرّكهم فقط على رغم استمرار حلفهم مع أميركا؟