الى اين يمكن ان تصل تعقيدات تشكيل الحكومة، وهل يمكن لرافضي هذه التشكيلة او تلك، ان ينجحوا في منع التأليف لاسيما ان الذين يرفضون حتى الان، لن يكون بوسعهم الاتكال على معارضتهم طالما انهم اقلية من بين من انتخب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما انهم اقلية من بين من سمى الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، وهذا لا بد من الاشارة اليه بما في ذلك التركيز عليه للقول ان بوسع الرئيس المكلف تسمية الحكومة التي يريدها من غير ان يتوقف عند اراء من لا يزال يعتقد انه قادر على منع الحكومة العتيدة من ان تبصر النور؟!
ان الذين يقولون العكس، لا يزالون يتصرفون على غير اسس سياسية واضحة لمجرد انهم اقلية. لذا فان اتجاه هؤلاء الى المعارضة لا يعني ان بوسعهم منع تشكيل الحكومة بل بالعكس، فان وجود المعارضة يعزز قبضة الموالين على السلطة، لانها تكون قادرة على المحاسبة والمراقبة ووضع الامور في نصابها عندما تدعو الحاجة، وهي امور من صلب اللعبة البرلمانية – الديموقراطية وليس العكس كما يتصور بعض من يزعم ان لا مجال لعمل حكومي سليم بمعزل عن الشمولية السياسية، والمقصود بالشمولية تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يكون احد قادرا على مواجهتها بأية طريقة سياسية؟
من هنا لا يفهم كلام الرئيس ميشال عون على رفضه اي تحكم اي فريق بالحكومة في معرض تشكيلها، والامر عينه ينطبق على الرئيس سعد الحريري الذي يريد الانطلاق من حكومة تعرف كيف تحكم من دون حاجة الى شمولية في التصرف السياسي الذي يحتم على الجميع فهم الواقع وليس اللعب على الواقع الذي يفرض على الجميع التمسك بالاصول كي لا تطغى الاخطاء من غير حساب على اساس ان حكومة الوحدة الوطنية تفرض الاخذ بوجهة نظرها ومن بعدها لن تكون سلطة امر واقع من النوع الذي كانت عليه حكومة تصريف الاعمال التي لا تزال تجرجر ذيول خيبة الامل كونها لم تعرف كيف تستفيد من اخطاء الماضي والحاضر على السواء (…)
واللافت في خصوص عدم تشكيل الحكومة الى الان، ان الساعين الى التعقيد لم يستوعبوا الى الان انه يستحيل عليهم تسمية وزرائها بحسب ما هو ظاهر اي على اساس المحاصصة الواجب ان ترفض من الجميع حتى ولو اقتضى الامر تشكيل حكومة من ثمانية وزراء من غير حاجة الى الاعتماد على الهبات الوزارية الى هذا المسؤول وذاك المرجع لاسيما ان هؤلاء عندما يطالبون بحصص وزارية بارزة، فانهم يدركون سلفا استحالة اعطائهم وزارات سيادية، اقله كي لا تشكل مواقفهم سدا منيعا بوجه تأليف الحكومة على غرار ما هو حاصل الان من رغبات لا يمكن ان تفسر الا بانها املاءات سياسية من الصعب القبول بها؟!
عندما يقول الرئيس نبيه بري انه وعد بعض حلفائه بحصص وزارية فمن الواجب القول له ان بوسعه المشاركة في التوزير شرط ان يكون من حصته الشخصية والسياسية وليس على حساب غيره من الاقطاب كذلك ليس بوسع الرئيس بري القول انه سيكون في المعارضة في حال لم تلب مطالبه. وعندها تستقيم الحال السياسية على اساس ان تكون المعارضة معارضة من غير حاجة لان تكون في صلب الحكومة كي لا يتكرر مشهد حكومة الرئيس سلام التي عانت من تفجيرات الغام سياسية منعتها من ان تعمل وليس من يقبل بأن يتكرر المشهد الوزاري القائم حاليا؟!
واذا سلمنا جدلا بأن الرئيس بري قادر على ان يعارض في حال لم تلب مطالبه، فان الامور لن تختلف بتاتا حيث تقف الاكثرية الى جانب الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في اي توجه سياسي يعتمدان عليه لتشكيل حكومة متجانسة من دون ان تضم الغاما بحسب ما هو معروف في حال توزيع الحقائب على اساس الذي يرضي هذا الفريق او ذلك، وعندها ليس ما يمنع القول ان الرئيس المكف تشكيل الحكومة هو رئيس مجلس النواب الذي يمكن القول عنه انذاك ان لا مجال لعمل حكومي مهما كان الا في حال نال رضاه وموافقته؟!
ان ما يضير الحكومة في حال خرجت عن مألوف تشكيلها، هو النزول عند رغبات بعض من يزعم ان في يده سلطة التأثير في المجريات العامة، بما في ذلك توزير من يراه مناسبا، كي لا يقال لاحقا ان المؤثرين المشار اليهم هم السلطة ان لجهة السيطرة على التأليف او لجهة التأخير في ان تبصر الحكومة العتيدة النور على رغم ما يقال عن ان المقصود ليس الرئيس المكلف بل رئيس الجمهورية الذي آثر حتى الان على الابتعاد عن قرار تشكيل الحكومة لان الامر مناط بالرئيس سعد الحريري وليس بأي شخص اخر؟!