IMLebanon

إقليم في طور إعادة التشكيل

كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمحطة “سي بي أس” الأميركية الأحد الماضي على أن بلاده ستكون مضطرة الى التفاوض مع بشار الأسد لتحقيق انتقال سياسي أحدث صدمتين في المنطقة: الأولى لدى القوى المناهضة لإيران ولنظام بشار الأسد من معارضة سورية متنوعة ودول عربية داعمة للثورة، والآخر لدى نظام بشار الأسد وحلفائه الممانعين الذين احتفلوا بالتصريح معتبرين أن النظام أفلت من حد السكين بعد مرور أربعة أعوام على انطلاق الثورة. في كلا الحالين الصدمة حقيقية. فالمعارضة ومعها الشعب السوري اللذان أشبعا كلاماً أميركياً كبيراً طوال أربعة أعوام، اكتشفا حقيقة أين صارت الإدارة الأميركية الحالية، وأين صار الرئيس باراك أوباما الذي ما عاد يضع نصب عينيه سوى التوصل الى اتفاق مع إيران، بالرغم من منظومة الحلفاء العرب التاريخيين. أما النظام والإيرانيون فإنهم في غمرة الاحتفال بتباشير قيام الحلف الأميركي – الجديد في الاقليم فإنهم حتى اللحظة لا يعرفون تمام المعرفة “كلفة” الحلف الجديد على المعادلات الداخلية في إيران نفسها، فضلاً عن “الكلفة” الفعلية على النظام الذي ذكّره الوزير جون كيري بمرجعية “جنيف – 1” القائمة في جوهرها على رحيل بشار الأسد عن الحكم، بداية عبر انتقال كامل للسلطات التنفيذية الى حكومة من المعارضة والنظام لمدة عامين.

وبالرغم من الصدمة الأولية حيال تصريحات الوزير كيري، كانت الوقائع الأخيرة التي طرأت على العلاقات الأميركية مع العديد من العواصم العربية تبنئ بتغيير في الموقف الأميركي، ولا سيما بعدما دخل عامل “داعش” المعادلة في الإقليم. فمن خلال ذلك العامل المستجد تسارع التحوّل الأميركي واصطدم بموقف عربي تقوده المملكة العربية السعودية التي ترى أن إدارة الرئيس باراك أوباما تسير في اتجاه تصادمي مع الحلفاء التاريخيين، وما عادت ترى في الإقليم سوى الحلف العتيد مع إيران “الشيعية”، وهي تتخذ من موضوع “داعش” ذريعة لبناء قواعد التحالف على أسس أمنية – عسكرية. في السياق يصير أمر النزاع حول البرنامج النووي الايراني ثانوياً، ويصير الاتفاق على حلّ له بمثابة “الشجرة التي تخفي الغابة”.

السؤال: هل الخبر مفرح حقاً للنظام الإيراني؟ وهل هو مفرح لروسيا؟

لا شك في أن التوصل الى اتفاق اطار حول البرنامج النووي الايراني في الأيام المقبلة، وتبلور تقارب أكبر وأكثر وضوحاً بين واشنطن وطهران في قضايا الاقليم بما فيها سوريا، يمكن أن ينعكسا مع رفع العقوبات المتدرج عن ايران على الواقع الداخلي، وعلى استقرار النظام نفسه بوجود مزاج شعبي عارم في ايران يدفع نحو الانفتاح على الغرب، ليس في الاقتصاد فحسب، بل في الثقافة والسياسة أيضاً.

قصارى القول، إن الإقليم في طور إعادة التشكيل.