شبح الفراغ يخيّم على أجواء مجلس النواب بعد سقوط اقتراح باسيل
الحسابات الإقليمية تمنع حصول اتفاق على قانون جديد للإنتخابات
استمرار الخلاف على قانون الإنتخاب مع اقتراب انتهاء المهل الدستورية سيؤدي إلى وضع الجميع أمام خيار واحد وهو التمديد الثالث للمجلس
انتهت أمس المهلة التي حددها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل للقوى السياسية كافة لاتخاذ موقف من طرحه الانتخابي الثالث الذي يرتكز على القانون الارثوذكسي الذي اثار عند طرحه من قبل التيار عاصفة كبيرة من الاعتراضات السياسية جعلت حزب «القوات اللبنانية» ينسحب من هذا السباق، وحملت التيار إلى تجميد مطالبته به، كحل لما يعتبره انتقاصاً لحقوق المسيحيين في اختيار نوابهم.
وتُجمع ردود الفعل التي صدرت في الثماني والاربعين ساعة الماضية على رفض الصيغة التي طرحها رئيس «التيار الوطني الحر» باستثناء حزب «القوات اللبنانية» المؤيد لها كونها تحسن وضع التمثيل المسيحي، حسب ما بررت أوساط الحزب في معرض شرحها للأسباب التي جعلته يوافق على مشروع «التيار الوطني الحر».
وكان حزب الله الذي لا يزال يتمسك بورقة تحالف مار مخايل من أبرز المعترضين على اقتراح التيار الوطني الحر، وتمسكه بالنسبية الكاملة لقانون الانتخابات النيابية كونها من وجهة نظره تحقق التمثيل الصحيح والعادل لكل القوى السياسية. وأتت معارضة «حزب الله» التي عبّر عنها اكثر من مصدر نيابي وحزبي قبل انتهاء المهلة التي حددها الوزير باسيل لتلقي اجوبة القوى السياسية على اقتراحه قبل أن يتخذ موقفاً آخر يدفع بالخلاف القائم حول قانون الانتخابات الى أزمة سياسية كبرى على حد ما وصفها أكثر من مرجع في التيار الوطني الحر.
ويبدو أيضاً من خلال ما سربته أوساط سياسية أن الرئيس نبيه بري ليس بعيداً عن حزب الله لجهة رفض صيغة باسيل والتمسك بالنسبية الكاملة كممر إلزامي لأي قانون يمكن ان تجري على اساسه الانتخابات النيابية المقبلة.
وإذا ما أضيف إلى موقف الثنائي الشيعي الرافض لصيغة الوزير باسيل موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي عبّر عنه بوضوح تام الوزير السابق وائل أبو فاعور بعيد اجتماعه أمس بالوزير باسيل على هامش الجلسة التشريعية للمجلس النيابي، والتزام أوساط تيّار «المستقبل» بالصمت يصبح الوزير باسيل في مواجهة قوى سياسية مؤثرة ولا يمكن تجاوزها أو فرض الصيغة المقترحة من قبله عليها ما يعني حسب المصادر المتابعة للاتصالات الجارية ان النسخة الثالثة لاقتراح رئيس التيار الوطني الحر قد رفضت كسابقتيها، وأن البلاد دخلت في مواجهة حقيقية بين الفريق المسيحي الممثل بالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وبين الثنائي الشيعي الممثل بحزب الله وحركة «امل» ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، في حين بقي تيّار «المستقبل» خارج هذه المواجهة في حال صحت معلومات اوساط سياسية من ان تيار «المستقبل» أبلغ الوزير باسيل استعداده للسير في اقتراحه المبني على القانون الارثوذكسي باعتباره يتناسب مع مصالحه الانتخابية على عكس القانون النسبي الكامل الذي يقترحه الثنائي الشيعي كونه يأخذ من حصة التيار لمصلحة حلفاء الثنائي الشيعي داخل الطائفة السنية وباقي الطوائف.
وتقول مصادر سياسية على صلة برئيس «التيار الوطني الحر» ان رفض «حزب الله» لاقتراحه لا يثنيه عن متابعة الاتصالات مع باقي القوى السياسية لتشكيل اكبر قوة مساندة لهذا الاقتراح، خصوصاً وأنه يحظى حتى الآن بموافقة قوتين اساسيتين هما تيّار «المستقبل» الذي لم يقل بعد كلمته وحزب «القوات اللبنانية» الذي اعلن رسمياً وعبر نوابه عن موافقته على الاقتراح والذي يعتبر ان رفض «حزب الله» لاقتراح الوزير باسيل ليس بجديد، اذ سبق ان رفض اقتراحين سابقين مبنيين على صيغة المختلط بين النسبي والاكثري مما يدل بوضوح لا لبس فيه على أن الحزب يمارس أجندة إقليمية تحتم عليه التريث في الداخل اللبناني، والاصرار على النسبية الكاملة يأتي في هذا السياق وليس في وارد تعديل موقفه والقبول بواحد من الصيغ المطروحة على طاولة البحث، ومنها الصيغة التي طرحها الوزير باسيل كمخرج للمأزق الانتخابي الذي يُهدّد بالوصول الى الفراغ في السلطة التشريعية ما يدخل البلاد في ازمة وطنية كبرى يتوجّب على كل القوى السياسية ان تتفهم حجم مخاطرها على النظام القائم برمته.
وتخشى الأوساط السياسية أن يؤدي استمرار الخلاف على القانون العتيد مع اقتراب انتهاء المهل الدستورية إلى وضع الجميع امام خيار واحد هو اقدام المجلس الحالي على التمديد لنفسه مرّة ثالثة خلافاً للدستور الذي يتمسك به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويكون بذلك قد فوّت الفرصة على اللبنانيين الراغبين فعلاً في تجديد الحياة السياسية عبر اجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد يؤمن صحة التمثيل والعدالة ولا يلحق الاجحاف بأيٍّ من الطوائف.