Site icon IMLebanon

المتغيرات والتحولات الإقليمية والدولية وتأثيراتها على الوضع الداخلي

 

 

تشهد الساحة الداخلية اللبنانية مزيداً من التأزم، مع إشتداد الكباش حول الوضع المصرفي عبر الوسائل القضائية، إضافة الى الإنهيار المتواصل على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي، ويترافق ذلك مع الّتحلل الكامل لمقوّمات الدولة مع إقتراب إجراء الإستحقاق الإنتخابي وسط ضبابية في تشكيل اللوائح .

 

بالتزامن مع التخبّط الداخلي، تشهد منطقة الشرق الأوسط تحوّلات ومتغيّرات ستترك بما لا يترك مجالاً للشك تأثيرات كبرى على مجرى الحياة السياسية في لبنان، وأولى بوادر تلك التحوّلات تمثّلت بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى دولة الإمارات العربية المتحدة ولقاءاته مع قادتها، وهي مؤشّرات الى عودة العلاقات بين سوريا وما تمثّله من امتداد لمحور إيران في المنطقة، وبين الإمارات العربية المتحدة بما تمثّله من رأس حربة في المحور العربي مع قيادة المحور المتمثّلة بالمملكة العربية السعودية، وهي زيارة تمثّل توجّهاً جديداً في سياسة المحورين .

 

إنّ زيارة الأسد الى أبوظبي تمهّد لانفتاح عربي تجاه دمشق، لكنه توجّه لا يمكن ان يتم بمعزل عن دوائر الخلاف بين المحورين الممتدة من الصراع الدائر في اليمن مروراً بالخلاف حول تشكيل الحكومة العراقية وصولاً الى جهنم التي يمر بها لبنان.

 

اضافة الى ما ذكر أعلاه، تشهد أوروبا تصعيداً غير مسبوق على المستوى العسكري هو الأول منذ الحرب العالمية الثانية، مما دفع دولاً كألمانيا الى زيادة ميزانيتها العسكرية، وتركت الأزمة الأوكرانية تأثيرات بالغة الخطورة على النسيج الأوروبي، ما أحدث نوعاً من التقارب الأميركي – الأوروبي بعد فترة من عدم الإستقرار السياسي زمن ولاية الرئيس ترامب، ومن تداعيات ما يحصل في أوروبا عسكرياً، حدث نوع من إعادة التطبيع بين تركيا وإسرائيل بعد سنوات من الجفاء بينهما، إضافة الى مواقفهما الحيادية في الصراع العسكري الدائر أوروبياً، وبدا لافتاً الموقف العربي المحايد في الصراع الأوروبي وعدم انحيازه لأول مرة الى الحليف الأمريكي .

 

وسط هذه التحولات والتطورات السياسية والعسكرية إقليمياً ودولياً، يقف لبنان أمام مفترق طريق تاريخي، سيحدّد المسار الذي ستأخذه الأمور في السنوات القادمة، غير أن المكونات اللبنانية كل منها ينظر الى ما يحصل وفق مقاربة مختلفة، فحزب الله يعتبر نفسه الرابح الأكبر مما يحصل إقليمياً وهو الذي يأمل الخروج من الإستحقاقات السياسية مؤكداً شرعيته البرلمانية والشعبية، محقّقاً أكثرية نيابية تتيح له الإمساك دستورياً بمفاصل البلد. اما من الناحية المسيحية، فإن الساحة تشهد نزالاً غير مسبوق في محاولة لإحكام القبضة على القرار المسيحي والعين على صراع كرسي الرئاسة الأولى.

 

أما من الناحية الدرزية، فإن السعي من قبل محور الممانعة هو محاولة تحجيم رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط ومشاركته الحصة الدرزية نيابياً، مستفيدين من الإنكفاء المستقبلي ومن قانون الإنتخاب الحالي، لكن تلك المحاولات ستصطدم طبعاً بزعامة تاريخية للمختارة العصية على الإنهزام .

 

وحدها الساحة السنية تدخل الإستحقاقات القادمة مع ابتعاد الحريري عن العمل الإنتخابي، مما سيترك تلك الساحة مشرّعة أمام عواصف قد تلحق بها جراء عدم مواكبتها للمتغيّرات والمتحوّلات الإقليمية والدولية، بل أكثر فإن ما تقوم به رجالات الطائفة تكاد ينحصر في إشتباك إنتخابي حول تشكيل لائحة من هنا أو لائحة من هناك، مما يجعلها الخاسر الأكبر جرّاء عدم مواكبتها لما يحصل إقليمياً ودولياً، وكأنّ تلك الشخصيات قد اتفقت على أن لا تتّفق