Site icon IMLebanon

واشنطن المنتصرة في أوكرانيا “منتظرة” في لبنان… كلمة السرّ متأخّرة!

 

يترقّب الوضع اللبناني تطوّر الملفات الإقليمية والدولية لمعرفة ماذا سيحلّ في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن هناك ملفات كبرى وُضعت على نار حامية وأبرزها ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

 

لا شكّ أن رئيس الحزب «التقدّمي الإشتراكي» وليد جنبلاط من أكثر المطّلعين على السياسة الإقليمية والدولية، وقد عبّر منذ إطلاق «حزب الله» مسيّراته فوق حقل «كاريش» عن أن لبنان دخل مدار الحرب الروسية – الأوكرانية، وبالتالي فإن ملف الغاز والنفط المتنازع عليه مع إسرائيل تحرّك بفعل هذه الحرب وحاجة أوروبا إلى الغاز في فصل الشتاء.

 

ومع تفعيل العقوبات الأوروبية والغربية على روسيا وتأثّر مادة الغاز، عاد الإهتمام العالمي بغاز حوض البحر المتوسط وطبعاً لبنان دخل دائرة الإهتمام، لذلك فإن تسريع إتمام الإتفاق الحدودي بين لبنان وإسرائيل بات مطلباً أوروبياً ودولياً.

 

وفي السياق، فإن تداعيات تلك الحرب لم تطل لبنان فقط، بل طالت الكرة الأرضية كلها، خصوصاً وأن الصراع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة أوروبا مستمرّ.

 

وفي هذا المجال، يؤكّد دبلوماسي مطلع على السياسة الروسية والأوروبية لـ»نداء الوطن» أن الحرب الروسية – الأوكرانية ستطول، وبوتين لا يرغب بالإنكسار ولو دمّر أوكرانيا، وسيحاول تدفيع أوروبا الثمن الأغلى، خصوصاً وأن الأوروبيين سيواجهون البرد القارس بعد قطع الغاز الروسي».

 

ويشير الدبلوماسي إلى أن الرابح الأكبر من المعركة هو الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا أيضاً ستكون رابحة إذا حققت أهدافها الإستراتيجية، وأبرزها السيطرة على كامل منطقة دونباس ومحاصرة خاركوف وأوديسا الإستراتيجية الواقعتين خارج نطاق دونباس لاسقاطهما عسكرياً، ولكن الأرجح من دون اقتحامهما لأن المنطقة الأولى مكتظة سكانياً (مليون ونصف المليون نسمة) والثانية مدينة تاريخية جميلة شيّدتها كاثرين الثانية التي يحفظ لها بوتين شخصياً والشعب الروسي كل تقدير وإعجاب منذ أواخر القرن الثامن عشر، وقد نُقل عن بوتين عدم سماحه بتدمير المدينة.

 

وأمام الحصار الأوروبي والغربي المفروض على موسكو هناك سؤال يُطرح وهو كيف تؤمّن روسيا تمويلها وأين تبيع غازها؟ وفي السياق يكشف الدبلوماسي أن روسيا تبيع كميات إضافية من الغاز والنفط إلى الصين ودول آسيوية وتستفيد من ارتفاع الأسعار، وحتى لو انخفضت مستقبلاً مبيعاتها فإن لديها من الاكتفاء الذاتي في كل الثروات ما يجعلها تواجه أي حرب أو محاولة حصار لسنوات وسنوات.

 

ومن جهة ثانية، فإن الصراع بين روسيا وبريطانيا يشتعل وكأن لندن تخوض الحرب شخصياً، من هنا يعتبر الدبلوماسي أن دخول بريطانيا الحرب بهذا الشكل له دلالات تاريخية، وكذلك فإن علاقاتها كانت متوترة مع روسيا حتى قبل بدء الحرب في أوكرانيا، خصوصاً وأن ذيول قضية تسميم ضابط المخابرات الروسي Sergie Skripal الهارب إلى بريطانيا لم تنتهِ بعد، لذلك فإن هذا الصراع التاريخي يتفاعل.

 

وعن الرابح الأكبر من الحرب، ففي نظر الدبلوماسي أن واشنطن رابحة لأنها تُنهك أوروبا وروسيا اقتصادياً وتزيد هيمنتها على الإتحاد الأوروبي وتحاول توريط روسيا في نزاع دموي طويل الأمد وتشويه سمعتها دولياً كدولة معتدية وترتكب المجازر بحق دولة مستقلة ذات سيادة، وفي هذا المجال فإن الجانب الروسي عبر المتحدثة باسم الخارجية زاخاروفا يرد يومياً من خلال التذكير بجرائم الولايات المتحدة والغرب في العراق واليمن وأفغانستان وسوريا، وحتى بعض دول اميركا اللاتينية.

 

وأمام كل هذه الجردة، هناك استنتاج أساسي وهو أن واشنطن لا تزال اللاعب الأوحد والأكبر من لبنان إلى أوكرانيا، لذلك فإن أي حلّ لبناني يحتاج إلى كلمة سرّ أميركية وتسوية لم تصل بعد لأنها تنتظر نضوج الظروف الملائمة.