IMLebanon

التفاهمات الإقليمية والدولية قد تمهّد الطريق لرئيس توافقي يُرضي الجميع

عون صعَّد حملاته ضد خصومه وبعض حلفائه بعدما سُدَّت كل الطرق لوصوله للرئاسة

التفاهمات الإقليمية والدولية قد تمهّد الطريق لرئيس توافقي يُرضي الجميع

حملة الجنرال السياسية والإعلامية ليس سببها رفض «المستقبل» لترشحه، بل لأن من يدّعون تأييده علناً هم حقيقة غير مؤيّدين وصوله للرئاسة!»

لم تكن الحملة السياسية والإعلامية التي يشنّها النائب ميشال عون والمقرّبون منه ضد «تيار المستقبل» مفاجئة، وإنما كانت متوقعة بعدما فشل زعيم «التيار العوني» في الحصول على تأييد خصمه التقليدي للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، بالرغم من كل محاولاته للتقارب المصطنع وتلوين خطابه ومواقفه السياسية بصيغ ومصطلحات التوافق طوال المرحلة الماضية.

فالحملة الحالية لا يمكن فصلها عن سلسلة الحملات التي بدأها عون ضد «تيار المستقبل» منذ عودته إلى لبنان بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري مرغماً من لبنان ضمن صفقة مشبوهة مع تحالف نظام الأسد – طهران، هدفها إضعاف انتفاضة 14 آذار والقضاء عليها تدريجياً لإبقاء هيمنة التحالف المذكور قائمة بشكل غير مباشر من خلال ترهيب سلاح «حزب الله» وهو ما ظهر على حقيقته من خلال تغطيته المتواصلة لتفلّت السلاح من كل الضوابط الشرعية واستغلاله في مصادرة الحياة السياسية وتأييده في اجتياح بيروت وقتل وترهيب أهلها في السابع من أيار عام 2008 وحالياً بتدخل الحزب عسكرياً في قتل الشعب السوري وتدمير المدن والقرى السورية.

لم يترك النائب ميشال عون مناسبة إلا وكان رأس حربة «حزب الله» و«النظام السوري» في تنظيم حملات التجني والافتراء على «تيار المستقبل»، تارة من خلال التهديد بتدمير وسط مدينة بيروت، وأخرى بفبركة كرّاس «الإبراء المستحيل» الذي تولت اختراعه وتدبيجه مجموعة من محترفي التزلف والعمالة والوصوليين الانتهازيين للسلطة، وصولاً إلى الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية باحتفالية مطنطنة وبقرار أسدي مكشوف يومها أعقبه كلام شامت لعون بمغادرة الحريري إلى خارج لبنان وقوله الشهير: «قطعنا له تذكرة ذهاب فقط» هذه المرة في حين أنه كان يعبّر عن مكنونات ما يردده الأسد ونصر الله بهذا الخصوص.

أما لماذا شنّ عون حملته حالياً ضد «تيار المستقبل» وصولاً إلى وصف وسائل إعلامه التيار وتشبيهه بتنظيم «داعش» الأصولي المتطرّف؟

يعرف زعيم «التيار العوني» وحلقته الضيقة أنه لا يستطيع الفوز برئاسة الجمهورية في حال لم يستطع الحصول على تأييد كتلة «تيار المستقبل» باعتبارها الكتلة الأكبر في المجلس النيابي الحالي، وقد حاول خلال السنتين الماضيتين التواصل مع رئيس التيار سعد الحريري لفتح صفحة جديدة في التعاطي بين التيارين علّه يتمكن من خلال هذا التواصل الذي تخلله التوصّل إلى تفاهمات محدودة ساهمت بتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام الحالية وتمرير بعض القرارات الحكومية بالتعيينات وغيرها أن يحصل على تأييد «تيار المستقبل» للترشح لرئاسة الجمهورية، متجاهلاً كل الإساءات والارتكابات التي تسببت بها ممارساته وخطابه التحريضي طوال الأعوام الماضية، والتي ما تزال محفورة في سجله السياسي الحافل واستمرار التزامه بنهج التحالف مع «حزب الله» والأسد في خضم المواجهة بين العرب والإيرانيين حالياً، وكلها تقف حائلاً دون وصوله للرئاسة الأولى مهما تصاعدت صيحات التحدي والاستفزاز التي يوجهها لخصومه.

أما توقيت حملته السياسية والإعلامية الحالية ووصوله إلى حدّ الهذيان السياسي، فمردّه حسب مصادر سياسية مطلعة، ليس إلى رفض «تيار المستقبل» لترشحه لانتخابات الرئاسة فقط، بل لاكتشاف زعيم «التيار العوني» أن معظم من يدّعون تأييده للترشح للرئاسة الأولى علناً ومعظمهم من حلفائه أو من حلفاء حلفائه كرئيس المجلس النيابي نبيه برّي، لم يكونوا بالفعل من مؤيّدي وصوله إلى سدة الرئاسة الأولى بالرغم من كل محاولات الاسترضاء السياسي التي بذلت خلال الأشهر الماضية والتي لم تصل إلى أي نتيجة، وإنما انقلبت إلى مواقف اعتراضية رافضة حتى لتعيين صهره العميد شامل روكز لمنصب قيادة الجيش وهو ما ظهر واضحاً من المواقف المعلنة، إن كان بالنسبة للتعيين أو حتى في انعقاد جلسات مجلس الوزراء التي حاول وزراء النائب عون تعطيلها والالتفاف على جدول الأعمال لممارسة أقسى الضغوطات المطلوبة لتحقيق هدفهم بتعيين صهر النائب عون في منصب قيادة الجيش.

وتوقعت هذه المصادر تصاعد حدة مواقف عون وخطابه السياسي في الأيام المقبلة بعدما اكتشف أن كل الطرق التي سلكها لتحقيق هدفه بالوصول إلى الرئاسة الأولى قد سدّت بشكل كامل وأن رهانه على التطورات والمكاسب الأسدية والإيرانية قد ذهبت سدى مع تهالك نظام الأسد وتراجع قدرته بشكل ملحوظ في إعادة سيطرته على معظم المناطق التي خسرها في الأعوام الماضية، في حين أن توقيع الاتفاق الإيراني النووي مع الدول العظمى قد ينتج عنه في حال حصوله تفاهمات إقليمية دولية تمهد الطريق لانتخاب رئيس توافقي وبالطبع لن يكون هو.