جديد التطورات الاقليمية المتصلة برفع العقوبات الغربية عن ايران، ربما يساعد في تحريك السواكن اللبنانية السياسية والدستورية، أو على الأقل هذا ما يأمله أو يتمناه الفرقاء اللبنانيون، أو معظمهم، مع اختلاف الأهداف والتطلعات، فمنهم ما بدأ يتصور ان صفا الأيام سيدوم له وحده… ومنهم من بدأ يتصرّف على ان أميركا والغرب، ليسا كاريتاس، وبالتالي لا يمكن أن يعطيا بالمجان، ففك العقوبات يجب ان يقابله، ما يصفه الرئيس أو باما بامتناع ايران عن زعزعة استقرار الجيران…
وبين البينين، من بدأ يحلم بعودة عقارب الساعة الى الوراء عشر سنوات ويزيد، انتشاء بالطحشة الجوية الروسية في الأجواء السورية، فيما ذروة طموح اللبنانيين الأصليين أو الأصيلين، المتحررين من القيود الاقليمية، ان يجدوا نوابهم الأشاوس يسقطون وريقاتهم الصغيرة في الصندوقة الزجاجية، النظيفة أو بالمنظفة من غبار الاهمال، لينتخبوا رئيساً للجمهورية، يعيد حيوية الدولة، وينفخ الروح في المؤسسات، ويبعد عن موقع القرار من أفسده زمن الفوضى وأنهى صلاحياته، وأولى المهمات وأكثرها أولوية، ازالة جبال النفايات من الشوارع والساحات، بأي وسيلة ممكنة، بالحرق أو بالترحيل، والانصراف الى مواجهة ارتداداتها على صحة اللبنانيين، المهددة بالسرطنة.
ومنشأ هذا التفاؤل المفرط، زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني الى باريس أواخر هذا الشهر، والرهان على عظيم اهتمام الرئيس هولاند بلبنان وتحديداً بالرئاسة اللبنانية، وهو المدرك لحجم الدور الايراني في اعاقة، أو تسهيل مرور هذا الاستحقاق، والتوقعات في بيروت، ان باريس لم تعد تقبض القول بأن الرئاسة مسؤولية اللبنانيين، وان على المرجعيات المارونية، أن تضيف الى الخلفاء الراشدين الأربعة والتعبير للرئيس بري، خامساً، تكون قوته بضعفه، كما كان يقول الشيخ بيار الجميّل عن لبنان قوته بضعفه…
كما ان باريس، التي تدرك بأن طهران ربطت الاستحقاقات اللبنانية رئاسية ونيابية وحكومية بملفها النووي وعقوباتها الاقتصادية، تدرك كذلك، أن طهران تعلم مدى حرصها على لبنان، واستقرار لبنان، لكن ما قد لا تكون على معرفة به أن باريس ليس لديها الكثير مما تدفعه بمقابل الافراج عن الوضع اللبناني المكبل بالقيود، فيما القاعدة المتبعة عند معظم الدول، القوية منها أو المستقوية، أن لكل شيء مقابلاً، خصوصاً أن ثمة أوساطاً دبلوماسية، توحي بأن هناك من يذكّر بحق الشفعة في لبنان، بعدما تعافى أو كاد، وخرج من جلباب هالك الى آخر مهلك، وكأن لبنان دولة لقيطة، وشعب بلا قيد، يستطيع هذا شراءه بأسطورة، وذاك بيعه، بوعد كموني أو ابتسامة ماكرة…
على أبواب التسويات الاقليمية، مطلوب من المرجعيات الوطنية الحقيقية أن ترفع الصوت، وأن تشحن الارادة، لتذكر من قد تنفعهم الذكرى، بأن لبنان دولة وكيان وليس مشاعاً اقليمياً، ولا أرضاً سائبة يتحكم بها، من أعطى نفسه وكالة عنه غير قابلة للعزل…
قضية اطلاق ميشال سماحة، جمعت شمل من فرقتهم الاعتبارات الرئاسية، ورب قائل إن من تجمعهم المصيبة، يتفرقون عندما يبرز جمرها أو يترمد، لكن ثمة قول آخر لأحد رؤساء الحكومة في الهند خلاصته: إن لم نبعثر الأشياء فكيف نعيد جمعها؟
ولبنان مبعثر الآن، والمطلوب ارادة التوحيد الصحيح… –