IMLebanon

الملفات الإقليمية الملتهبة تحرّكت في «هبّة» واحدة

تحركت الملفات الاقليمية الساخنة دفعة واحدة من اليمن التي اقترب حوار اطرافها الداخلية برعاية الامم المتحدة، الى سوريا التي سينتقل الانكباب على حل سياسي لأزمتها من فيينا الى نيويورك، بما يؤشر الى ان الدول الكبرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية وروسيا، تريد الانصراف الى ملفات داخلية وان لاسباب مختلفة.

فمع مطلع العام المقبل تدخل الولايات المتحدة مرحلة التركيز على الانتخابات الرئاسية وتفضلها محررة من اثقال ملفات الشرق الاوسط الضاغطة، اضافة الى ان نجاحها في انجاز حلّ اي من هذه الملفات يسجل للديموقراطيين كنقطة اضافية لمصلحة معاركهم الانتخابية، وفق مصدر سوري معارض.

اما روسيا فترى بان فترة السماح للعمليات العسكرية في سوريا التي انطلقت اواخر ايلول الماضي تشارف على نهايتها. فقد سبق لـ«الدوما» ان حدد بلسان رئيس لجنة العلاقات الخارجية اليكسي بوشكوف هذه المدة بما بين ثلاثة واربعة اشهر. وباتت بالتالي، وبعد ان نجحت في حماية نظام الاسد من الانهيار، تستعجل الحل السياسي بعد ان فشلت ضرباتها العسكرية في تحقيق تقدم ميداني يسمح باحتمال حسم عسكري. وقد شكل ذلك تلاقي مصالح بين القوتين الكبريين، ساهم في تحريك الملفات ووضعها، على الاقل، على سكك الحلول من دون امكانية الجزم بتوصلها الى نتائج سريعة. 

فبعد «عاصفة الحزم» و»اعادة الامل» وعودة الرئيس هادي الى عدن تقرر انطلاق الحوار اليمني منتصف الجاري في سويسرا للتوصل الى وقف اطلاق النار والانصراف الى عملية بناء الثقة، وهو ما بات ملحا خصوصا بعد التطور الذي تمثل باقدام «داعش« مثلا على اغتيال محافظ عدن جعفر سعد. 

اما في الشأن السوري فقد كلف مؤتمر فيينا الاخير المملكة العربية السعودية لمّ صفوف المعارضة لتشكيل وفد موحد يتقاسم طاولة التفاوض على الحل السياسي المرتقبة مع وفد النظام، كما سبق ان كلف الاردن وضع لائحة تستبعد المنظمات التي يتم تصنيفها بانها ارهابية.

فقد اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان نيويورك ستستضيف في 18 الجاري اجتماعا لوزراء خارجية الدول التي شاركت في مؤتمري فيينا. واتى ذلك في اعقاب انجاز هدنات محلية وان محصورة بمناطق محددة منها مثلا حمص وقدسيا غرب دمشق وقبلها الزبداني. 

فمنذ يوم امس والى اليوم تجمع الرياض اطيافا واسعة من المعارضة السورية المصنفة معتدلة، السياسية منها والعسكرية، من «الائتلاف« الى «هيئة التنسيق« مرورا بـ«جيش الاسلام« و«الجيش الحر« و«احرار الشام« وسواها وان في غياب مشاركة كردية لم تتضح اسبابها. وتتمحور الابحاث وفق المصدر نفسه حول امكانات توحيد الرؤى اقله للتوصل الى اتفاق مبدئي على الثوابت يسمح بصياغة وثيقة سياسية مشتركة بعد وضع الخلافات الايديولوجية جانبا، وذلك حتى لا يتفرد النظام بكونه الطرف السوري الوحيد الجالس على الطاولة التي ترعاها القوى الاقليمية والدولية. فمشاركة المعارضة عنصر توازن اساسي يمهد الطريق عمليا لاحتمال التوصل الى تسوية وسطية.

وفي ضوء تجارب توحيد المعارضة السابقة التي فشلت لا يقلل المصدر من اهمية العوائق التي تواجه انجاز مفاهيم في هذه الفترة الوجيزة بدءاً من تحديد ثوابت التسوية ومفهومها، الى ضوابط المرحلة الانتقالية. فالمعارضة ما زالت تتمسك برحيل بشار الاسد كشرط مسبق لاندراجها، وإن بمشاركة الجيش النظامي، في عملية قتال «داعش« في اطار محاربة الارهاب. كما ويستمر الخلاف الدولي على مدة الفترة الانتقالية التي يراها الغرب مثلا ستة اشهر فيما تريدها ايران وروسيا ممتدة على عام ونصف العام على الاقل. يضاف الى ذلك تمسك الاسد بان الانتقال السياسي لن ينطلق قبل دحر الارهاب.

اما في لبنان فيتساءل سياسي سيادي مخضرم عما اذا كان تحريك مياه الفراغ الرئاسي الراكدة منذ اكثر من عام ونصف العام لا يندرج في مكان ما في اطار تحريك مجمل الملفات الاقليمية للاستفادة من الفرصة المتاحة.