Site icon IMLebanon

الحراك النفطي الإقليمي يوقظ الحكومة اللبنانية؟

مساعٍ لفصل الخلاف السياسي عن الملف التقني

الحراك النفطي الإقليمي يوقظ الحكومة اللبنانية؟

يتنقّل أعضاء «هيئة إدارة البترول» بين المسؤولين لتحذيرهم من حجم الخطر الذي يحدق بالقطاع الموعود، في ظل التراخي الرسمي غير المبرر. كل منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط بدأت تستثمر اكتشافاتها من الغاز، ولاسيما إسرائيل، إلا لبنان، ما يزال غارقاً في خلافاته السياسية والمصلحية التي لا تنتهي.

بداية الشهر الماضي استنفرت «هيئة إدارة البترول»، على خلفية بدء إسرائيل التحرك باتجاه شركة «ايني» الإيطالية لإقناعها بالاستثمار في حقلَي «كاريش» (مليون قدم مكعب) و«تانين» (1.2 مليون قدم مكعب) المجاوِرَين للحدود اللبنانية.

وبالرغم من أنه يستبعد أن تدخل «إيني» في الشراكة مع إسرائيل، إلا أن حركة الشركة، بشخص رئيسها التنفيذي، باتجاه مصر وقبرص واليونان، أضاف بعداً آخر للخطر. تبدو الشركة الإيطالية التي اكتشفت حقلاً ضخماً في مصر ولديها استثمارات محدودة في قبرص، وسبق وشاركت في دورة التأهيل في لبنان، عازمة على الخوض في شراكة بترولية بين هذه الدول. وعلى هذا الأساس يستكمل رئيسها التنفيذي لقاءاته لتحويل مشروع الأنبوب الغازي المشترك إلى أمر واقع. وهو لهذه الغاية، وبعدما سبق أن التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، زار الرئيسين المصري والقبرصي لإقناعهما بأهمية المشروع.

يدرك المسؤولون في لبنان أن إنجاز هذا الخط سيكون بمثابة الكارثة على الغاز اللبناني المدفون في البحر. فبناء أنبوب من هذا النوع لتصدير الغاز إلى أوروبا، سيجعل لبنان أمام خيارين لا ثالث لهما إما الدخول في تطبيع مع إسرائيل والانضمام إلى مشروع الانبوب أو إيجاد طرق مستقلة لتصدير غازه، هي لا شك باهظة الثمن.

هذا الخطر لم يكن وحده الكفيل بتحريك عجلة المرسومين النفطيين المجمدين منذ ثلاث سنوات. شركة «نوبل انرجي» قررت أن تبيع حصتها في حقلي «كاريش» و «تانين» لشركة «ديليك» الاسرائيلية، التي يفترض أن تبيع حصصها بدورها. ما يعني أيضاً تسريع وتيرة العمل لاستخراج الغاز من الحقول المحاذية للبنان.

هل تتأثر الحكومة بهذا التطور أم أنها اعتادت على مراقبة الانجازات الإسرائيلية، والتحسر على الفرص الضائعة؟

أجواء الرئيس تمام سلام، الذي عقد اجتماعاً نفطياً أمس، اطلع فيه على خطة «هيئة البترول»، بدت إيجابية. هو يدرك جيداً حجم المخاطر ويعد خيراً في طلب الوفد إقرار مسودة المرسومين العالقين منذ العام 2013، في اللجنة الوزارية المعنية، علماً أن لا معوقات تقنية أمام هذه الخطوة بعد أن أبدت الوزارات موافقتها عليهما. أضف إلى أن ثمة وعوداً بأن يكون الملف النفطي على طاولة الحكومة مباشرة بعد الانتهاء من ملف النفايات.

منذ نحو سنة لم تعقد اللجنة المؤلفة من 9 وزراء إضافة إلى الرئيس سلام، أي اجتماع. علماً أن مجرد اجتماعها وإقرارها مسودة المرسومين وإعادتهما إلى مجلس الوزراء ليتخذ القرار بشأنهما يمكن أن يساعد في إشاعة الأجواء التفاؤلية.

أي خطوة في الطريق الصحيح تبدو مفيدة بالنسبة لـ «هيئة البترول» المؤمنة بضرورة فصل المسارين التقني والسياسي للموضوع. وهو ما يمكن أن يحصل بمجرد إقرار المرسومين المعلقَين منذ العام 2013 والمتعلقَين باتفاقية الاستكشاف والإنتاج ودفتر الشروط وتحديد البلوكات، بما يسمح باستكمال دورة التراخيص. ويبدو بحسب ردود فعل مختلف الكتل النيابية، أنه يمكن السير بها، حتى قبل حسم مسألة تلزيم البلوكات. وإلى ذلك الحين، سيكون أمام لبنان نحو ثمانية أشهر ليعيد ثقة الشركات بجدية الحكومة اللبنانية، حيث يفترض أن يسبقها عرض كل البلوكات أمام الشركات وتعيين موعد لاستقبال العروض (من ستة إلى ثمانية أشهر)، قبل العودة إلى مجلس الوزراء مجدداً لاتخاذ القرار المناسب بشأن أي من البلوكات سيُلَزَّم، علماً أن خطة «الهيئة» التي تبناها الرئيس نبيه بري ووافقت عليها لجنة الطاقة النيابية، تضع في الحسبان مبدأ التلزيم التدريجي، بحيث لا تلزّم كل البلوكات دفعة واحدة، وإن عرضت جميعها، بما فيها البلوكات 8 و9 و10 المحاذية لفلسطين المحتلة.

هذه الخطوة يؤمل أن تؤدي إلى تحريك الملف الحدودي الذي وضعه الأميركيون في الثلاجة منذ تموز الماضي. اللبنانيون عازمون على مواجهة الموضوع بموقف موحد، يؤكد جدية الحكومة في السعي إلى حله، انطلاقاً من قانون البحار، ومن خلال إحياء طرح الموفد الأميركي السابق فريدريك هوف، كقاعدة لاستئناف المفاوضات.

وفيما ينتظر أن يلتقي بري سلام، لمناقشة الموضوع، ترأس رئيس الحكومة، أمس، اجتماعا لمناقشة موضوع النفط، بحضور كل من: وزير الطاقة والمياه ارتور نظاريان، رئيس لجنة الاشغال العامة النائب محمد قباني، والنواب: نضال طعمة، جوزف المعلوف، الوليد سكرية، وحكمت ديب، ووفد من «هيئة البترول».

وقد أكد نظاريان، بعد اللقاء، أن «لجنة الاشغال العامة وهيئة ادارة النفط ووزارة الطاقة اجتمعت على رأي واحد»، موضحا ان «ما سمعناه من رئيس الحكومة يحتوي على شق ايجابي ولا توجد خلافات سياسية او نظرية بين الاعضاء سواء في مجلس الوزراء او مجلس النواب في موضوع تحريك ملف النفط».

بدوره، أكد قباني «ان السلطة التشريعية مجتمعة والجزء المختص من السلطة التنفيذية، اي وزير الطاقة والهيئة الناظمة لادارة القطاع، جميعهم متفقون على الموضوع ولم يعد هناك اي سبب لتأخيره بل يجب الاسراع به».

واكد قباني أن «التنفيذ سيبدأ مع اجتماع اللجنة الوزارية التي يرأسها الرئيس سلام بمشاركة تسعة وزراء من أجل اقرار المراسيم ومن ثم عرضها على مجلس الوزراء»، آملا ان «يكون موضوع النفط والغاز من الاهمية بمكان لينعقد مجلس الوزراء من اجله، فهذا الملف يشكل مستقبل لبنان وعلى مجلس الوزراء ان ينعقد من اجله».

باسيل: الوقت يمر.. والفرص تضيع

اعتبر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أنه «عندما قاومنا سوكلين في العام 2010 منفردين سقطنا في التصويت عندها، ولم يقف معنا أحد، ولا يجوز أن نكرر في كل مرة التجربة ولا يسمع صوتنا الا عند حدوث الكارثة».

وقال خلال عشاء تكريمي: «الأمر نفسه يحصل في موضوع النفط، ولطالما رفعنا الصوت عاليا في هذا الموضوع منذ سنوات، والآن نجدهم يصرخون بأن إسرائيل ستأخذه، وبعد قليل يقولون ستتدنى أسعار النفط، وهذا ما حصل، وبعده ستضيع الفرصة والأسواق تنتقل الى خطوط أخرى كمصر وقطر وروسيا وغيرها وتضيع فرصة البيع، كلها أمور تحدثنا عنها كثيرا وقاتلنا من أجلها، والوقت يمر وتضيع الفرص، لماذا، لأننا فريق لا يريد تقاسم المغانم، ولا حل معنا».

في السياسة، شدد باسيل على ان «الاعتبار اليوم لتيار المستقبل هو إما الانتخاب على أساس قانون الستين وإما التمديد»، مشيراً الى أن «المستقبل يعتبر أن لا خيار آخر ويستغل مُرور الوقت للوصول الى حل من الاثنين»، مضيفاً «حتى إذا حصل هذا فلن نقبل به».

وأضاف: «أننا نتعاطى مع طبقة قامت بما قامت به في البلد، وعندما تأكدت من عدم قدرتها بأن تُجدّد لنفسها، رفضت قوانين الانتخابات التي لا تضمن أكثريتها بالرغم من اتفاقنا في الدوحة أن الانتخاب على أساس قانون الـستين يكون لدورة واحدة فقط».