إنها مرحلة جديدة في الكباش الحاصل حاليا بين المقاومة وإسرائيل مرشحة للاستمرار طويلا وسط انغلاق مسار الحلول في غزة.
والواقع ان أسئلة كبرى تطرح بقوة اليوم حول مآلات الحرب والمشاركين فيها لا سيما المشاركة الايرانية التي تبدو مستبعدة. وهذا يعود، حسب أوساط إقليمية، إلى نية طهران باستبعاد الحرب الاقليمية مباشرة مع الاسرائيلي التي ستؤدي الى هز الاستقرار من دون نتيجة سوى شمول النار ايران نفسها.
ثم ان طهران شرعت في مفاوضات مباشرة واخرى غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية لصياغة تفاهمات ما بعد الحرب الحاصلة اليوم في فلسطين والنزاع العسكري بين اسرائيل و”حزب الله”.
وتأمل طهران استمرار الإدارة الديموقراطية مع المرشحة كامالا هاريس ولا تريد تعريض الاستقرار الاقليمي للخطر بما ينعكس سلبا على الحملة الديموقراطية الانتخابية. وتنتظر انفراجا نوويا وماليا على صعيد الأرصدة الايرانية في الخارج ومنها في الولايات المتحدة نفسها، كما تنتظر تعزيزا للدور الايراني اقليميا بما يفيد أيضا حلفاءها في المنطقة.
المقلق في الأمر ان فترة الفراغ الحاصلة طويلة حتى الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل وما بعدها حتى تسلم من سيصل عبرها في كانون الثاني المقبل. لذا قد يغتنم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فترة الفراغ الحالية لتكريس أمر واقع شبه يومي تصعيدي مع لبنان عسكريا وامنيا عبر الاغتيالات وعمليات قتل المدنيين، في الوقت الذي يحاذر فيه “حزب الله” نقل المعركة الى استهداف المدنيين ما سيعني دفعا لبنانيا باهظا للثمن لا يحتمله لبنان على الاطلاق.
على ان بذلك ستكون مسألة وحدة الساحات موضع تساؤلات، حسب متابعين للوضع القائم خاصة في غزة، يروون بأن حركة “حماس” ليست في وارد التنازل مجددا وهي غير معنية بأية تفاهمات خارج ما وضعته على طاولات المفاوضات مع الاسرائيلي.
يشير هؤلاء الى ان “حماس” رفضت طلبا ايرانيا وقت مجزرة البايجر بتوسيع النطاق العسكري للمعركة والقيام بضربات صاروخية من شمالي غزة، اذ رأت ان ذلك لن يفيد اليوم وسيؤدي الى تداعيات سلبية. بل ان قائد كتيبة الحركة شمالي غزة منع حليفة “حماس”، “الجهاد الإسلامي”، من ضرب الصواريخ من شمالي القطاع، وهذا طبيعي كون “حماس” هي التي تقود المعركة والمفاوضات.
في كل الأحوال لا يعني هذا فرط وحدة الساحات بقدر احتفاظ كل طرف بتقدير ظروفه في المعركة وهو حال الإيرانيين والعراقيين واليمنيين.
لبنانيا بتنا امام عد تصاعدي مفتوح على احتمالات عدة اكبرها الحرب مع اسرائيل واقلها استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم.. من دون افق، لكن مع استمرار “حزب الله” في معركة إسناد غزة مهما كانت التضحيات. واضاف هذه المرة بوضوح في بيان لـ”المقاومة الإسلامية” لعنوان المعركة انه يخوضها دفاعا عن لبنان وشعبه بعد لازمة دعم “شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادا لمقاومته الباسلة والشريفة”، بما يشي بطبيعة المعركة المفتوحة.
وأما لناحية نتنياهو المصطدم بأفق مسدود في غزة والفشل تلو الآخر في الضفة ولبنان، فإنه وضع عنوان جبهة الشمال طمعا بزيادة شعبيته الداخلية مع علمه بأن هذا محال عسكريا وهو يراهن على شراء الوقت وسيتخذ عدوانه طابعا وحشيا ودائما ومؤذيا ومفتوحا على كل الاحتمالات على ان يكون ذلك رهن.. ردود “حزب الله” الذي لم يكن يريد حربا موسعة منذ اللحظة الأولى لانخراطه في معركة الإسناد.