IMLebanon

إزدياد احتمالات الحرب الموسّعة أو اقتراب موعد التسوية؟

 

 

بمسعى لحرف الانظار عن انسحابها من شمال قطاع غزة، وتقليص عملياتها البرية في القطاع ككل، وظنا انها بذلك تقلص خسائرها الكبرى، انتقلت “اسرائيل” سريعا من المواجهات العسكرية الى الامنية، سواء باغتيالها رئيس حركة حماس صالح العاروري او باعدادها لتفجيري كرمان في ايران.

 

ولا يختلف اثنان على ان تجرؤ “تل ابيب” على اغتيال العاروري بالشكل والتوقيت اللذين اختارتهما، او بضرب العمق الايراني في ذكرى اغتيال القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، ادخلا المواجهة المفتوحة بينها وبين محور المقاومة في مرحلة جديدة، يُخشى ان تكون تمهيدية لحرب اقليمية.

 

فقرار توجيه ضربة مركزة في معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما اختيار شخصية ذات ثقل كنائب رئيس حماس، تدرك “تل ابيب” انهما قد يشعلان الجبهة الشمالية ويُسقطان اي خطوط حمراء، ولعل ذلك ما تريده اصلا لشن هجوم كبير على حزب الله، سواء في بيروت والبقاع، مع توسعة مسرح العمليات جنوبا.

 

وليس خافيا ان توقيت العملية مدروس بدقة، خاصة في ظل ما يبدو انه تراجع أميركي عن الدعم المطلق لعمليات “اسرائيل” في غزة، لا بل استياء واشنطن من أداء رئيس “الحكومة الاسرائيلية” بنيامين نتنياهو، كما بالتزامن مع انتقال العدو الى مرحلة جديدة من العمليات في القطاع، مع سحب قسم كبير من قواته من الشمال.

 

وتعتبر مصادر مطلعة ان “انتقال تل ابيب الى عمليات اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية خارج نطاق غزة والضفة، يهدف الى حرف الانظار عن خساراتها المدوية داخل القطاع، وعدم قدرتها على تحقيق اي من اهدافها المعلنة”، لافتة الى ان “النجاح باغتيال شخصيات بمواقع قيادية كالعاروري، من شأنه ان يقلل من النقمة المتنامية لدى الرأي العام “الاسرائيلي”، كما هو رد يعتبره نتنياهو ممتازا على المعارضة “الاسرائيلية” التي تنشط بوجهه مستفيدة من اخفاقاته في حربه على غزة”.

 

وتضيف المصادر”يعتقد رئيس حكومة العدو ان نجاح عملية الاغتيال، سواء ادت الى جر حزب الله وواشنطن الى الحرب الموسعة، او بقيت باطار استهداف قيادات حماس والجهاد الاسلامي اينما وجدت، يعتبر ربحا صافيا له، وبخاصة ان واشنطن لا يمكن ان تعترض على اغتيال هذه القيادات التي تصنفها هي الاخرى ارهابية”.

 

ولا شك ان هذه العملية تضع الولايات المتحدة الاميركية كما حزب الله امام مفترق طرق، وتضغط عليهما لاتخاذ قرارات كانا يفضلان تفاديها. فواشنطن من جهتها لا تزال مصرة على عدم وجوب توسيع رقعة الحرب، لا بل اكثر من ذلك على انهاء الحرب في غزة لسببين رئيسيين: الاول ان لا مصلحة للقيادة الحالية عشية الانتخابات الرئاسية الاميركية بدعم حرب الابادة والمجازر ضد المدنيين، والثاني لعلمها بأن كل مصالحها باتت مهددة، وستصبح اكثر عرضة للتهديد في منطقة الشرق الاوسط، في حال اصبح كل لبنان ساحة معركة… من دون استبعاد حرب اقليمية كبيرة تعرف كيف تبدأ، لكنها لا شك لا تعرف كيف تنتهي.

 

من جهته، لا يزال كذلك موقف حزب الله وايران واضحا منذ ٧ اكتوبر، لجهة وجوب دعم المقاومة في غزة بكل ما امكن بالتوازي مع تفادي سيناريو الحرب الموسعة. لكن سياسة ضبط النفس التي يعتمدها الحزب باتت اصعب من اي وقت مضى، في ظل الاستفزازات “الاسرائيلية” المتواصلة، والتي بلغت مداها باستهداف عمق الضاحية الجنوبية. وتدرس قيادتا حماس وحزب الله حاليا شكل الرد على عملية اغتيال العاروري وتوقيتها، اذ يعتبر الطرفان نفسيهما معنيين بالرد، لكنهما يدققان في تداعيات اي رد، لذلك يحسبانه جيد جدا.

 

بالمحصلة، هي ايام حاسمة مقبلة سترسم ملامح المرحلة المقبلة. فرد ايران وحلفائها على عمليتي بيروت وطهران، هو الذي سيعلن  الحرب الاقليمية الموسعة التي تهدد بتغيير شكل المنطقة، او سيكون مدروسا كي يخدم مصالحهم في اي تسوية مقبلة.