يأخذنا كلبنانيين إلى حرب إقليمية، قابلة لتصبح عالمية، ساعة يشاء. حرب إنهاء إسرائيل كدولة أو حرب إنهاء البلد كشبه دولة. ثم يردنا من الحرب منتوفين مشحّرين مهجّرين ساعة يشاء. الرواح إلى الحرب والرجعة منها بعد 160 يوماً أو بعد 160 شهراً، كلّه زي بعضه كما يقول الشيخ سعد، ما دامت النتيجة واحدة.
الحرب قرار شخصي. نعم بمثل هذه البساطة تُخاض. كان لدينا في ثمانينات القرن الماضي نموذج بحجم أصغر وذات يوم شن حربين على مقاس طموحاته أوصلته الأولى إلى أعلى مراتب تقديس الذات والثانية أوصلته إلى لا هوت ميزون رافعاً شارة النصر.
«إلى أين» في هذه الحرب؟ المرشد يعرف وكفى. ما شأن اللبنانيين بما يقرره نيابة عنهم وعن الأمة جمعاء وعن مستضعفي الأرض. «إلى أين؟» يا قليلي الإيمان؟ أوتسألون؟ «إلى نصر استراتيجي» قال، نصرٌ يأتي بعد «الثبات الإستراتيجي» ومرحلة «الصبر الإستراتيجي». أصلاً ليس من حق الناس في لبنان أن يسألوا المرشد أو يسائلوه في أي أمر يتعلق بالبلد وسيادته و»أمنه الإستراتيجي». إن أخبرهم أمين المخازن عن نوايا المقاومة الإسلامية ومفاجآتها الصاروخية ورؤيتها اللإستراتيجية، فمن كرم أخلاقه وإن اكتفى بـ»التلميح» فذلك عائد لأسباب تتعلق بإدارة المعركة وبالبعد الإستراتيجي، وإن أوضح الحاج بلغته الثقيلة ما استعصى على الذكاء الإصطناعي، ستحتاج كمواطن إلى «خبير استراتيجي» يفكك شيفرة مفرداته وألغامها. شوية تكتيك يا حاج. لعل الشيخ نعيم أكثر وضوحاً في توقّع ما سيكون عليه مستقبلنا الزاهر على هذه المساحة من الساحة: «إذا ارتكب الاحتلال أي حماقة بحق لبنان فهزيمته ستكون نسخة مطوّرة عن هزيمة الـ2006». يُستدل من تحذير نائب المرشد أن العدو لا يزال في مرحلة التحرّش الخجول. وبكير على «الحماقة الاستراتيجية».
لا شأن للبنانيين، على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم وقناعاتهم واختلافاتهم، لا شأن لحكومة الرئيس ميقاتي، لا شأن لما يُسمى مجلس الدفاع الأعلى، لا شأن لممثلي الأمة، لا شأن للأحزاب والمراجع والقوى الحيّة في حرب يقررها مرشد بأقل من 24 ساعة. لهم فقط أن يفرحوا بزف شهداء على طريق القدس وأن يسعدوا بتهجير 100 ألف من مواطنيهم ولهم أن يستبشروا بالإنتصار الوشيك ومن دلائله أن 100 ألف جندي من الصهاينة منتشرون على جبهة الشمال ويتكبّدون خسائر بشرية غير مصرّح عنها في صفوفهم وأكثر من مائة ألف قتيل وجريح فلسطيني، جلهم من المدنيين، في غزة. وحتى الساعة «لم يقدم العدو مشهد نصر» فيما «حماس قوية وتفرض شروطها» على الشيطانين الأصغر والأكبر. في خطبة الاربعاء طمأن المرشد أن «الحركة» وبعد طوفان الأقصى، مرتاحة جداً جداً إلى وضع الميدان. وماذا نريد كجالية لبنانية في لبنان، أكثر؟